يونيو ١٨, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
شبح “تشيرنوبل”يحوم.. هل يعيش الشرق الأوسط كارثة مشابهة؟

بعد سنوات من حرب الظل بين طهران وتل أبيب تحول الصراع إلى مواجهة عسكرية مباشرة يوم الجمعة الماضي، ومع استمرار تبادل الضربات والتهديدات، تتعاظم المخاوف العالمية من سيناريو كارثي بطله الحرب النووية. وترك التصعيد الأخير، الكثير من علامات الاستفهام حول ما إذا كانت الضربات الإسرائيلية على إيران يمكن أن تتحول يومًا ما إلى كارثة نووية، أو ما يُعرف بـ”تشيرنوبل جديدة” في قلب الشرق الأوسط.

الغموض يكتنف الأضرار في المواقع النووية الإيرانية

حتى الآن، لا يزال الغموض يكتنف حجم الأضرار الفعلية التي لحقت بالمواقع النووية والبنية التحتية للـبرنامج النووي الإيراني. فبينما يعتقد خبراء مثل ديفيد ألبرايت أن الهجوم الأولي ركز على اغتيال قادة الحرس الثوري وضرب الدفاعات الجوية، وأن الأضرار المرئية في منشأة نطنز النووية – منشأة التخصيب الرئيسية في البلاد والتي تقع على بعد حوالي 225 كيلومترا جنوب طهران – “متوسطة” وفي فوردو غير ظاهرة، لا يستبعد وجود هجوم إلكتروني أو عمليات تخريب أخرى لم تترك آثارًا مرئية.

من ناحيته، أكد المدير العام للـوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، رافائيل غروسي، يوم الاثنين، عدم وجود مؤشرات على “هجوم ملموس” على قاعات التخصيب الجوفية – أجهزة الطرد المركزي الموجودة تحت الأرض – في نطنز، لكنه أشار إلى تضرر مبانٍ سطحية في نطنز ومنشآت كيميائية وتحويلية في أصفهان. ومع ذلك، حذر ألبرايت من أن انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف أجهزة الطرد المركزي في القاعات الجوفية قد يتسبب في تعطل الكثير منها إذا توقفت عن الدوران بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

ولكن استهداف تلك المواقع النووية في إيران يثير التساؤل حول مدى قدرة الاحتلال على تدمير منشأة فوردو النووية التي تزعم طهران أنه تم استهدافها بالفعل، وبحسب تقديرات الخبراء العسكريين فإن المنشآت النووية المحصنة في عمق الجبال هي “قلاع هندسية” تتطلب “قدرات خارقة” لتدميرها. ويشير الخبير العسكري الأردني، صالح الشراب العبادي، إلى أن إسرائيل قد لا تمتلك القنابل الخارقة للتحصينات اللازمة، مثل قنبلة GBU-57 MOP الأمريكية، مما يضعها أمام خيارين: إما طلب الدعم المباشر من إدارة ترامب، أو اللجوء لعمليات خاصة أقل فعالية وأكثر خطورة.

السيناريو الأسوأ.. كارثة تشيرنوبل أخرى!

ما يثير قلق خبراء منع الانتشار ومن بينهم، جان-ماري كولين، هو أن يؤدي ضرب مواقع تخصيب اليورانيوم أو محطة بوشهر النووية إلى مخاطر جسيمة تتمثل في انبعاثات إشعاعية كارثية. ويشرحون أن الخطر لا يكمن في “انفجار نووي” بالمعنى الحرفي، بل في انتشار “غبار إشعاعي” لا يعترف بالحدود، قد يصل إلى دول الخليج وتركيا وباكستان، مكررًا مأساة تشيرنوبل ولكن هذه المرة “بقرار سياسي لا بخطأ هندسي”، حسب تعبير الخبير العبادي.

وفي حين أنه لم يتم رصد مستويات إشعاع مرتفعة حتى الآن، بحسب السلطات المحلية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن المشهد السياسي مستمر في التعقيد.  وبينما يرى الخبير جان-ماري كولين أن نتنياهو يتبع “استراتيجية مواجهة شاملة”، يستعد البرلمان الإيراني لمناقشة مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، في خطوة تصعيدية ردًا على قرار الإدانة الأخير من الوكالة الذرية، مع استمرار طهران في التأكيد على سلمية برنامجها.

تداعيات الهجوم على مفاعل نووي

بحسب “الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية” (آيكان)، فإن تداعيات أي هجوم تعتمد على عدة عوامل، أبرزها ما إذا كانت الضربة قد استهدفت المفاعل نفسه أم حوض تخزين الوقود المستنفد، بالإضافة إلى حجم المنشأة وعمرها. ومن الممكن أن تتسبب ضربة مباشرة قد يؤدي إلى انهيار قلب المفاعل، ورغم أن المفاعلات عادة ما تكون محصنة بشكل جيد، فإن المرافق المجاورة مثل أحواض الوقود قد تكون أكثر عرضة للخطر.

ويكمن الخطر الأكبر في أن اشتعال حوض وقود نووي قد يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من مادة السيزيوم-137 المشعة، والتي يمكن أن تسبب حروقًا، وأمراضًا إشعاعية، وقد تصل إلى الموت في حالة التعرض المباشر لها.

ويحذر الخبراء من أن تسرب إشعاعي من مادة السيزيوم-137 قد يخلف عواقب أسوأ بكثير من كارثتي تشيرنوبل وفوكوشيما، اللتين ارتبطتا بنواة المفاعلات. فكل مليون وحدة “كوري” من هذه المادة تجعل حوالي 2000 كيلومتر مربع من الأراضي غير صالحة للعيش البشري، حيث يحمل الهواء الغبار الإشعاعي لمسافات شاسعة، ملوثًا المياه والغذاء ومسببًا السرطان ومشاكل صحية طويلة الأمد.

وفي ظل هذا التصعيد، يحضر البرلمان الإيراني مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، رغم تأكيد طهران المستمر على سلمية برنامجها. ويبقى العالم في حالة ترقب، فبينما يعتقد خبراء أن إسرائيل إذا لم تعطل فوردو بالكامل، فإن إيران قد تتمكن من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع تسع قنابل نووية في غضون شهر، ويحذر آخرون من أن أي هجوم إضافي قد يدفع بالمنطقة والعالم نحو عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

تصعيد جديد من ترامب تجاه إيران

المقالة التالية

إنفوجرافيك|سيناريوهات إدارة ترامب للتعامل مع الأزمة الإيرانية