يونيو ٤, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
رغم محادثات السلام.. الخلاف لا يزال عميقًا بين روسيا وأوكرانيا

في جولة مفاوضات نادرة بين روسيا وأوكرانيا عُقدت، اليوم الاثنين، بالعاصمة التركية إسطنبول، وهي الثانية فقط منذ توقف المباحثات المباشرة في مارس 2022، توصل الطرفان إلى تفاهمات بشأن توسيع نطاق عمليات تبادل أسرى الحرب وتسليم رفات آلاف الجنود الذين سقطوا في المعارك.

ومع ذلك، لم تُسفر هذه الجولة، التي استمرت قرابة الساعة، عن أي اتفاق فيما يتعلق بوقف شامل لإطلاق النار، وهو المطلب الرئيسي لكييف وحلفائها الغربيين.

تبادل الأسرى وتطلعات تركية

وبموجب الاتفاقات الجديدة، سيسلم كل طرف جثامين 6000 من جنوده للجانب الآخر. كما سيتم تنفيذ عملية تبادل جديدة وواسعة النطاق لأسرى الحرب، ستركز، وفقًا لوزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف الذي ترأس وفد بلاده، على الأفراد المصابين بإصابات بالغة والجنود صغار السن.

وتأتي هذه الخطوة عقب تبادل ناجح شمل ألف أسير من كل جانب إثر محادثات سابقة في إسطنبول بتاريخ 15 مايو الماضي. وقد أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلقاء اليوم ووصفه بـ”العظيم”، مجددًا طموحات أنقرة في استضافة قمة تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ربما بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

رؤى متباينة لوقف القتال

رغم هذه الخطوات الإنسانية، ظل الخلاف بين روسيا وأوكرانيا عميقًا حول طبيعة إنهاء الصراع. فبينما تشدد موسكو، على لسان مساعد الكرملين فلاديمير ميدينسكي الذي قاد الفريق الروسي، على سعيها لـ”تسوية طويلة الأمد” وليس مجرد تجميد مؤقت للقتال، تتهم كييف الرئيس بوتين بأنه “غير مهتم بالسلام”.

وكشف ميدينسكي عن تقديم مذكرة مفصلة للجانب الأوكراني تحدد شروط موسكو لتحقيق وقف شامل للأعمال العدائية، بالإضافة إلى طرح “هدنة إنسانية مؤقتة تتراوح بين يومين وثلاثة أيام في قطاعات معينة من الجبهة” بهدف انتشال رفات القتلى. من جهته، أكد الوزير عمروف أن موسكو قدمت مسودة اتفاق سلام ستقوم كييف بمراجعتها، علمًا بأن أوكرانيا أعدت نسختها الخاصة، مقترحًا عقد جولة محادثات إضافية قبل نهاية يونيو الجاري، وإن كان قد أشار إلى أن العديد من القضايا الخلافية الجوهرية لا يمكن حسمها إلا عبر لقاء مباشر بين زيلينسكي وبوتين.

ملفات عالقة ومطالب أوكرانية

شملت المباحثات أيضًا ملف الأطفال الأوكرانيين الذين أفادت تقارير بنقلهم إلى روسيا، حيث ذكر أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس زيلينسكي، أن وفد كييف طالب باستعادة قائمة بأسماء هؤلاء الأطفال. وردًا على ذلك، صرح ميدينسكي بأن القائمة الأوكرانية تضم 339 اسمًا، مدعيًا أن هؤلاء الأطفال “تم إنقاذهم” من مناطق القتال ولم يتم “سرقتهم”.

وفيما يتعلق بأسس أي تسوية مستقبلية، أظهرت نسخة من خريطة طريق أوكرانية اطلعت عليها وكالة “رويترز” سابقًا، رفض كييف القاطع لفرض أي قيود على قدراتها العسكرية بعد التوصل لاتفاق سلام، وكذلك رفضها الاعتراف بالسيادة الروسية على أي من الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها قوات موسكو، أو تقديم أي شكل من أشكال التعويضات.

تصعيد ميداني

جاءت هذه الجولة التفاوضية في أعقاب تنفيذ أوكرانيا، أمس الأحد، هجومًا وصف بأنه من بين الأكثر جرأة في الحرب، باستخدام طائرات بدون طيار لاستهداف قاذفات روسية بعيدة المدى ذات قدرات نووية في عمق سيبيريا ومناطق أخرى، مما أثار دعوات من مدونين حربيين روس لرد انتقامي قوي. ورغم الأهمية التي يوليها الطرفان لإبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منخرطًا في عملية السلام، لم تكن التوقعات بتحقيق اختراق كبير في مباحثات إسطنبول اليوم مرتفعة.

وتنظر كييف إلى النهج الروسي الحالي باعتباره محاولة لفرض شروط استسلام، وهو ما تؤكد أنها لن تقبل به أبدًا. في المقابل، تشدد موسكو، التي حققت قواتها تقدمًا ميدانيًا في مايو الماضي هو الأسرع منذ ستة أشهر، على ضرورة أن تقبل أوكرانيا بالسلام وفقًا للشروط الروسية، وإلا فإنها ستواجه خسارة المزيد من الأراضي.

يُذكر أن روسيا تسيطر حاليًا على ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا (حوالي 113,100 كيلومتر مربع). وكانت شروط بوتين التي أعلنها في يونيو 2024 لإنهاء فوري للحرب تتضمن تخلي أوكرانيا عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وسحب قواتها من مجمل المناطق الأوكرانية الأربع التي تطالب بها روسيا وتسيطر عليها إلى حد كبير.

يُشار إلى أن الولايات المتحدة، التي كانت في عهد الرئيس السابق جو بايدن المورد الرئيسي للأسلحة المتقدمة لأوكرانيا، تقدر عدد القتلى والجرحى في الصراع منذ بدء الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022 بأكثر من 1.2 مليون شخص. وكان الرئيس ترامب قد وصف بوتين في تصريحات سابقة بـ”المجنون” وانتقد زيلينسكي علنًا، لكنه في الوقت ذاته أعرب عن اعتقاده بإمكانية تحقيق السلام، ملمحًا إلى أنه في حال تلكؤ بوتين، فإن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى فرض عقوبات قاسية على روسيا.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

“ترامب” في مأزق.. الضربة الأوكرانية تعقد جهود السلام مع روسيا

المقالة التالية

واشنطن تسمع لسوريا بضم مجهادين سابقين للجيش