أعلنت وسائل إعلام دولية أن السلطات في كوريا الشمالية اعتقلت عددًا من كبار المسؤولين في البلاد، بعد فشل محاولة إطلاق سفينة حربية يوم الأربعاء الماضي، وهي خطوة تأتي في سياق ينظر إليه كامتداد لنهج البلاد القائم على تحميل المسؤولية المباشرة في حالات الإخفاق، وهو ما أعاد إلى الواجهة سجلًا طويلاً من وقائع المحاسبة الصارمة في ظل النظام القائم.
بحسب ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الحادثة تعلّقت بفشل محاولة إطلاق مدمرة يبلغ وزنها 5 آلاف طن، ويجري البلد الآسيوي حاليًا تحقيقات في الحادث الذي وصفه زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بأنه “عمل إجرامي”.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية إن المعتقلين هم كبير المهندسين في حوض بناء السفن تشونغجين الشمالي حيث تم بناء المدمرة، بالإضافة إلى رئيس البناء ومدير إداري.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية يوم الجمعة إن مدير حوض بناء السفن، هونغ كيل هو، تم استدعاؤه من قبل مسؤولي إنفاذ القانون.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية السفينة ملقاة على جانبها ومغطاة بغطاء أزرق كبير، وبدا جزء من السفينة على الأرض، ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أي ضحايا أو إصابات في ذلك الوقت، مما قلل من شأن الأضرار.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أنه لم يتم العثور على أي ثقوب في قاع السفينة، على عكس التقارير الأولية، وقالت الوكالة إن “الجانب الأيمن من هيكل السفينة تعرض للخدش، وتدفقت كمية معينة من مياه البحر إلى الجزء الخلفي”.
وقال “كيم” يوم الخميس إن الحادث نجم عن “إهمال مطلق وعدم مسؤولية وتجريبية غير علمية”.
ليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها كوريا الشمالية بحزم مع المسؤولين عند الإخفاق، فالتاريخ الحديث للبلاد شهد العديد من الوقائع التي أظهرت نمطًا واضحًا في الرد الرسمي على ما يُعتبر “فشلًا في تحقيق الأهداف القومية”.
وثّقت شبكة “سي إن إن” في تقرير سابق، حالات بارزة تم فيها إعدام شخصيات مرموقة بعد اتهامهم بالإهمال أو الخيانة.
من أبرز تلك الحالات، إعدام هيون يونغ-تشول، وزير الدفاع الأسبق، في عام 2015، بتهم شملت “قلة الاحترام للقيادة العليا” وعدم الامتثال للأوامر العسكرية، وقبله في عام 2013، أُعدم جانغ سونغ-ثيك، أحد أبرز الشخصيات السياسية آنذاك، وصهر الزعيم كيم جونغ أون، بتهم تتعلق بالفساد وسوء الإدارة.
هذه الواقعة شكّلت سابقة لافتة في بنية النظام، إلا أنها لم تكن الوحيدة. ففي السنوات اللاحقة، تواترت تقارير عن إجراءات مماثلة بحق شخصيات من مستويات عليا ومتوسطة في الحكومة والمؤسسة العسكرية.
أوردت تقارير إعلامية كورية جنوبية في عام 2016، والتي نقلت عن مصادر استخباراتية، أن السلطات في كوريا الشمالية أعدمت 5 مسؤولين كبار في وزارة الأمن الوطني باستخدام مضادات للطائرات، بعد اتهامهم بالكذب على القيادة العليا، وقد جاء ذلك عقب تحقيقات داخلية واتهامات بارتكابهم تجاوزات في تنفيذ التعليمات.
كما أشار التقرير أنه في عام 2014، تم إعدام أحد الجنرالات في الجيش الشعبي الكوري، بعد أن وُجهت له تهم متعلقة بالفساد المالي والتلاعب في أنظمة التوريد اللوجستي، وقد أفادت مصادر بأن الحكم نُفّذ بعد محاكمة مغلقة استمرت لأسابيع.
ويشير تحليل “سي إن إن” أن طريقة التعامل مع هذه القضايا غالبًا ما تكون مغلقة ومركّزة داخل المؤسسات، وأن القرارات تُتخذ بسرعة، وتُنفذ وفق معايير داخلية يصعب التحقق منها، خاصة في غياب شفافية قضائية أو رقابة خارجية.