تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مرحلة من التوترات، تتجاوز الخلافات الدبلوماسية الاعتيادية، لتأخذ طابعًا استراتيجيًا عميقًا، وعلى الرغم من عمق التحالف الممتد لعقود بين الطرفين، فقد برزت خلافات حادة مؤخراً، خاصة فيما يتعلق بإدارة الحرب في غزة، ودور حركة حماس، ومستقبل الحكم الفلسطيني في القطاع.
سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على تنامي الفجوة بين الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب، والحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، إذ لا تقتصر الخلافات على الجوانب التكتيكية أو السياسية، بل تشمل أيضًا الرؤية العامة لمستقبل الشرق الأوسط، خاصة في ظل تصاعد التوتر الإقليمي عقب أحداث 7 أكتوبر 2023.
يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يلعب دورًا غير تقليدي في إعادة توجيه السياسة الأمريكية في المنطقة، فجهوده لا تركز فقط على وقف إطلاق النار وتأمين صفقة تبادل الأسرى، بل تمتد إلى إعادة رسم العلاقة مع حماس، ما يُعد تحولًا نوعيًا قد يُثير المزيد من التوترات الأمريكية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة.
إسرائيل تحاول اتباع استراتيجية مزدوجة في التعامل مع هذه المتغيرات؛ فهي من جهة تحافظ على التنسيق الأمني والعسكري الوثيق مع واشنطن، ومن جهة أخرى، تبدي مقاومة واضحة للمسارات التي تسعى الإدارة الأمريكية إلى فرضها، خاصة تلك التي تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحكم السلطة الفلسطينية.
ويبرز التحدي الأكبر في الموقف الأمريكي من إشراك حماس في العملية السياسية، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا مباشرًا لأمنها، ما يزيد من احتمالية تفاقم التوترات الأمريكية الإسرائيلية مستقبلاً.
مع توقعات إتمام صفقة تبادل الأسرى، يتوقع المراقبون أن تنتقل العلاقات بين واشنطن وتل أبيب إلى مرحلة جديدة من التقييم، خاصة إذا استمرت الضغوط الأمريكية لدعم تشكيل لجنة إدارية فلسطينية في غزة، وهو أمر تعتبره إسرائيل خطوة أولى نحو تقويض نفوذها في القطاع.
وفي حال تم تنفيذ هذه الخطوة، فإنها قد تؤدي إلى مزيد من إعادة التموضع داخل التحالف الحاكم في إسرائيل، وربما تحفيز الحديث عن ائتلاف سياسي بديل، وهو سيناريو لا يُستبعد إذا استمرت التوترات الأمريكية الإسرائيلية في التصاعد.
من جانبها، تستغل حماس هذا التباين بين واشنطن وتل أبيب لتعزيز موقعها السياسي، خاصة إذا رأت أن الإدارة الأمريكية تسعى لإعادة دمجها في المشهد السياسي مقابل تنازلات محدودة.
وإذا استمرت التوترات الأمريكية الإسرائيلية دون حسم، فإن حماس قد تستفيد من الانقسام الحاصل.
على الرغم من تمسك نتنياهو بتحالفه اليميني، إلا أن الضغوط المتزايدة من واشنطن، والتحولات في الرأي العام داخل إسرائيل، قد تؤدي إلى تصدعات سياسية داخلية.
ومع أن إدارة ترامب لا تميل إلى دعم تغيير القيادة في إسرائيل مباشرة، إلا أن استمرار التوترات الأمريكية الإسرائيلية قد يفرض واقعًا جديدًا يدفع نحو إعادة تشكيل الخريطة السياسية الإسرائيلية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
تفاصيل مقترح جديد لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.. ما موقف إسرائيل وحماس؟
إنفوجرافيك| الحصار يضيق.. سكان غزة إلى أين؟
إنفوجرافيك| كامل إدريس.. عقل دبلوماسي في صراع البنادق بالسودان