ألغى نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس، زيارة كانت مرتقبة إلى إسرائيل، يوم الثلاثاء، بسبب اتساع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، بحسب مسؤول أمريكي رفيع.
كشف مصدر أمريكي مطّلع لموقع «واللا» العبري، أن فانس اتخذ قراره عقب مداولات داخلية مع فريقه، خشية أن تُفسَّر الزيارة، سواء في إسرائيل، أو في دول الجوار، كدعم ضمني من إدارة ترامب للتصعيد العسكري الجاري في قطاع غزة.
وعلى الرغم من تبرير الإلغاء بأسباب «لوجستية»، فإن المصدر قال إن هذه لم تكن الدافع الحقيقي خلف القرار، مضيفًا أن النقاشات الداخلية داخل مكتب نائب الرئيس خلصت إلى أن الزيارة قد تعقّد جهود واشنطن المستمرة للدفع نحو صفقة تشمل وقف إطلاق نار وإطلاق سراح رهائن، وهو ما تعمل عليه الإدارة عبر قنوات متعددة.
في بيان رسمي، صرّح مسؤول كبير في البيت الأبيض للصحفيين المرافقين لفانس في العاصمة الإيطالية روما: «رغم إعداد خطط لوجستية لزيارة محتملة لدول إضافية، لكنه لم يُتخذ أي قرار بخصوص توقفات إضافية». وأضاف أن «القيود اللوجستية حالت دون تمديد الزيارة لما بعد روما، وسنعود إلى واشنطن يوم الاثنين».
غير أن الرواية الرسمية لم تصمد طويلاً أمام تسريبات من داخل الإدارة نفسها، مؤكدًا أن إلغاء زيارة إسرائيل كان ذا أبعاد سياسية بحتة، متصلة بالمشهد الأمني المتفجر في غزة، والتوجه العام للبيت الأبيض حاليًا.
في اليوم الذي سبق قرار الإلغاء، بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية «مركبات جدعون»، وهي إحدى أوسع العمليات منذ اندلاع الحرب، وتهدف -بحسب البيانات العسكرية- إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وإخلاء نحو مليوني فلسطيني إلى ما أطلق عليه «منطقة إنسانية».
وبحسب إعلان رسمي من الجيش الإسرائيلي يوم الأحد، بدأت قوات برية بالدخول إلى مناطق متفرقة داخل القطاع، بقيادة خمسة ألوية عسكرية، وبدعم ناري كثيف، وسط تقارير متزايدة عن دمار واسع في البنية التحتية المدنية.
يمثل امتناع نائب الرئيس عن زيارة إسرائيل رسالة أمريكية غير مباشرة بعدم القبول غير المشروط لما يجري على الأرض.
وفي حين تجنبت الإدارة الأمريكية انتقادًا علنيًا للحكومة الإسرائيلية، فإن الخطوة تعكس موقفًا حذرًا من التصعيد الجاري، لا سيما أن واشنطن تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة مع شركائها الأوروبيين للوصول إلى تهدئة.
وقال مصدر أمريكي آخر مطّلع على الاتصالات مع إسرائيل إن فانس كان قد أبلغ رسميًا، يوم السبت، نيّته زيارة الدولة العبرية عقب مشاركته في مراسم تنصيب البابا في الفاتيكان. وجرت بالفعل محادثات تمهيدية بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين لتنسيق الزيارة، قبل أن يُتَرَاجَع عنها فجأة.
تضغط إدارة ترامب حاليًا من أجل صفقة ثلاثية الأبعاد: وقف فوري لإطلاق النار، إطلاق سراح رهائن، وضمان دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع لتفادي كارثة مجاعة.
وبحسب تصريحات رسمية، نقل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف الأسبوع الماضي إلى إسرائيل وحركة حماس اقتراحًا محدّثًا يتضمن هذه البنود.
ترافق هذا الضغط مع تحرك ملموس من الجانب الإسرائيلي، حيث قرر المجلس الوزاري الأمني-السياسي، أمس الأحد، استئناف تمرير المساعدات الإنسانية عبر القنوات القائمة، بانتظار إنشاء آلية جديدة أكثر فاعلية وشفافية، استجابةً للضغوط الغربية.
بينما يرى البعض في إسرائيل أن قرار فانس يعكس برودًا في العلاقة مع إدارة ترامب، يعتبر آخرون أن الخطوة منطقية في سياق الحفاظ على الحياد الأمريكي في لحظة حرجة. على الجانب الأمريكي، لا يبدو أن القرار أثار جدلًا داخليًا كبيرًا، خصوصًا في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بعدم الانجرار إلى صراعات خارجية، والتفرغ للسياسات الداخلية.
ويُعد جاي دي فانس من أبرز الشخصيات الصاعدة في الإدارة الأمريكية، وصاحب كتاب «مرثية هيلبيلي» الذي لاقى رواجًا واسعًا. انضم إلى حملة ترامب قبل الانتخابات الأخيرة، وشغل منصب نائب الرئيس عقب فوزه. يُعرف فانس بمواقفه المحافظة اقتصاديًا، وتفضيله للسياسات الواقعية في الشؤون الدولية.
اقرأ أيضًا:
أرشيف أسرار إيلي كوهين.. علام حصل الموساد من سوريا؟
بفارق ساعات.. إعلان مقتل زكريا ومحمد السنوار في غزة
صفقة محتملة لوقف إطلاق النار في غزة.. أبرز ملامحها