يواجه العالم تحوّلًا ديمغرافيًا غير مسبوق، إذ تتسارع وتيرة شيخوخة السكان في العديد من الدول. ففي اقتصادات مثل اليابان وأوروبا الغربية، يزداد عدد المتقاعدين بينما تقل نسبة القوى العاملة الشابة، مما يضع ضغوطًا على أسواق العمل، المالية العامة، ويؤثر على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
ويقدم هذا التحليل الذي أعد موقع Visual Capitalist، بالتعاون مع شركة Terzo، نظرة على تصنيف الدول حسب اعتمادها على كبار السن في عام 2024، مبيّنًا أي البلدان تتحمل أكبر عبء ديمغرافي مقارنة بالبالغين في سن العمل.
,يشير مفهوم نسبة إعالة كبار السن إلى عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا لكل 100 شخص في سن العمل، أي بين 15 و64 عامًا. ,تُحسب هذه النسبة باستخدام المعادلة التالية: (عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 65 ÷ عدد السكان بين 15-64) × 100. ويعني ارتفاع هذه النسبة أن عدد كبار السن في الدولة أكبر نسبيًا من عدد العمال، مما قد يبطئ النمو الاقتصادي، ويغيّر عادات الإنفاق، ويزيد الطلب على الاستثمارات الأكثر أمانًا مثل السندات والأسهم الموزعة للأرباح وصناديق الدخل العقاري.
الدول الأعلى في إعالة كبار السن
يظهر التصنيف العالمي الذي يغطي 30 دولة يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين نسمة، أن المتوسط العالمي لنسبة إعالة كبار السن يبلغ 15.7%. اليابان تتصدر القائمة، حيث تتجاوز نسبة كبار السن فيها نصف البالغين في سن العمل لتصل إلى 50.7%، ما يجعلها أكثر المجتمعات عمرًا في العالم. تليها دول أوروبا الجنوبية والغربية مثل البرتغال بنسبة 39.1%، وفنلندا 38.9%، وإيطاليا 38.8%، واليونان 38.1%، وتعكس هذه الأرقام عقودًا من انخفاض معدلات المواليد وارتفاع متوسط العمر المتوقع، ما يزيد الضغط على برامج المعاشات والرعاية الصحية ويعيد تشكيل أنماط الإنفاق داخل هذه المجتمعات.
أما في دول مثل ألمانيا بنسبة 36.9% وفرنسا 36.1% وصربيا 36% وبلغاريا 34.7%، فإن كبار السن يشكلون جزءًا كبيرًا من المجتمع، فيما تتراوح نسب الإعالة في هونغ كونغ 33.9%، السويد 33.9%، الدنمارك 32.9%، التشيك 32.7%، المجر 32.5%، بلجيكا 32.4%، إسبانيا 32.1%، هولندا 31.8%، النمسا 31.6%، رومانيا 31.1%، بولندا 31%، المملكة المتحدة 30.8%، سويسرا 30.6%، وكندا 30.4%، ما يظهر انتشارًا واسعًا لهذه الظاهرة عبر أوروبا وأجزاء من آسيا.
وفي النرويج تسجل 28.9%، وأوكرانيا 28.2%، وسلوفاكيا 28.2%، والولايات المتحدة 27.7%، أستراليا 27.5%، بيلاروسيا 26.8%، وكوبا 24.3%، مما يعكس وجود سكان أصغر نسبيًا في هذه البلدان، لكنها لا تزال تواجه تزايدًا تدريجيًا في الشيخوخة مع دخول أعداد كبيرة من جيل ما بعد الحرب سن التقاعد واستمرار انخفاض معدلات المواليد.
وينعكس هذا التحول الديمغرافي مباشرة على الأسواق المالية والاستثمار. إذ تميل الأسر الأكبر سنًا إلى التركيز على الحفاظ على مدخراتها وتجنب المخاطرة، مفضلة السندات والأسهم الموزعة للأرباح وصناديق الدخل العقاري، بدلًا من الاستثمار في الأسهم عالية المخاطر أو الشركات الناشئة. ويقلل هذا التوجه من تمويل المشروعات الجديدة ويؤثر على الابتكار، لكنه في الوقت نفسه يخلق فرصًا لقطاعات تركز على العوائد المستقرة والخدمات المخصصة لكبار السن، بما في ذلك الرعاية الصحية، العقارات الميسرة، والخدمات المالية الآمنة.
اقرأ أيضًا:
شبح شيخوخة السكان يهدد روسيا
لماذا نشعر بمرور الوقت أسرع كلما تقدمنا بالعمر؟
مَن هُم أطول الرجال عُمرًا في التاريخ وكيف تحدّوا المستحيل؟













