تُواصل الصين تعزيز موقعها بوصفها القوة المهيمنة عالميًا في مجال المعادن الحيوية، إذ تُسيطر على النسبة الأكبر من عمليات التعدين والإنتاج والتكرير للمواد الأساسية التي تشكّل العمود الفقري للتقنيات الحديثة، من الإلكترونيات الدقيقة إلى الطاقة المتجددة. هذا النفوذ الكبير يمنح بكين قدرة فريدة على التأثير في مسار الصناعات الاستراتيجية وسلاسل الإمداد الدولية، كما يجعله ورقة جيوسياسية فعّالة في ظل احتدام المنافسة العالمية على الموارد والتقنية.
ووفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية لعام 2025، تُظهر الصين تفوقًا واضحًا في إنتاج عدد من المعادن الحرجة خلال عام 2024، إذ هيمنت على أكثر من 90% من إنتاج المكونات الرئيسية في الإلكترونيات، إذ بلغت حصتها من إنتاج الغاليوم نحو 99% من الإجمالي العالمي، وهو عنصر أساسي في أشباه الموصلات والاتصالات المتقدمة. كما استحوذت على 95% من إنتاج المغنيسيوم المكرر المستخدم في صناعة الطيران والسيارات والسبائك المعدنية خفيفة الوزن، في حين وصلت حصتها من التنغستن إلى 83%، وهو معدن لا غنى عنه في الصناعات الميكانيكية الثقيلة والأدوات عالية المتانة.
أما في قطاع المواد الموجهة للتقنيات الخضراء، فقد أنتجت الصين نحو 79% من الجرافيت الطبيعي العالمي المستخدم في بطاريات الليثيوم أيون، إلى جانب 70% من إنتاج الإنديوم والفاناديوم، وهما من المعادن الحيوية في تصنيع الشاشات والطاقة الشمسية والمحركات عالية الكفاءة. كما تُهيمن الصين على ما يقارب 69% من إنتاج العناصر الأرضية النادرة، وهي مجموعة تضم 17 عنصرًا أساسيًا تُستخدم في تصنيع المغناطيس الدائم للمركبات الكهربائية وتوربينات الرياح والأنظمة الدفاعية المتطورة.
وفي الصناعات المعدنية الثقيلة، تواصل بكين تقدمها أيضًا، إذ تنتج أكثر من 60% من الألومنيوم والتيتانيوم على مستوى العالم، وهما مادتان محوريتان في البنى التحتية وصناعة الطائرات والمركبات المتقدمة. كما تحتفظ بنسبة مماثلة من إنتاج الأنتيمون، المستخدم في البطاريات وسبائك مقاومة الحرارة. وتُظهر هذه الأرقام أن الصين لا تُسيطر فقط على سلاسل التوريد الخاصة بالمعادن، بل تُعيد تشكيل خريطة النفوذ الصناعي العالمي، ما يجعلها لاعبًا حاسمًا في تحديد مستقبل التكنولوجيا والطاقة والاقتصاد الدولي خلال العقود المقبلة.
اقرأ أيضًا:
معدلات نمو التنين الصيني اقتصاديًا
الصين تخطط لبناء شبكة أقمار صناعية لمنافسة “ستارلينك”.. هل تنجح؟










