تُعد السفن التجارية العمود الفقري للتجارة العالمية، إذ تشكل الوسيلة الأساسية والأكثر فاعلية لنقل البضائع بين الدول وربط الأسواق ببعضها البعض؛ حيث تعتمد عليها الدول لتصدير منتجاتها واستيراد المواد الخام والسلع الأساسية، وبذلك، لا يقتصر دور الأسطول البحري على كونه وسيلة نقل، بل يمتد ليشكل مؤشرًا على قوة الدولة الاقتصادية وقدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.
في هذا السياق، تحتل إندونيسيا المركز الأول عالميًا من حيث عدد السفن التجارية، حيث يسجل تحت علمها أكثر من 11 ألف سفينة، ويعكس هذا الرقم الضخم طبيعة أرخبيلها الواسع الذي يتكون من آلاف الجزر، مما يجعل النقل البحري جزءًا لا غنى عنه لضمان الاتصال بين مختلف المناطق.
كما يعكس هذا العدد أيضًا قوة الاقتصاد المحلي والإطار القانوني الذي يفرض على السفن العاملة في مياهها رفع العلم الإندونيسي، وهو ما يساهم في تنظيم قطاع الشحن وتأمين حقوق الدولة في مياهها الإقليمية.
وبذلك، يوضح هذا التصنيف الدور الحيوي للنقل البحري في الحياة الاقتصادية الإندونيسية، حيث يعد جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للتجارة الداخلية والخارجية.
تأتي الصين في المرتبة الثانية عالميًا، وهو ترتيب يعكس مكانتها كقوة صناعية وتصديرية رئيسية. فبصفتها واحدة من أكبر الدول المصدرة في العالم، تحتاج الصين إلى أسطول ضخم لنقل منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك الإلكترونيات والآلات والمركبات والملابس. إن امتلاك الصين لأسطول بحري كبير يعكس مدى اعتمادها على النقل البحري كوسيلة استراتيجية لدعم الاقتصاد الضخم والحفاظ على دورها المؤثر في التجارة الدولية. كما أن الأسطول الصيني يسهم في ضمان استمرارية سلسلة التوريد العالمية، وهو عامل أساسي في دعم صادراتها وتحقيق النمو الاقتصادي.
وفي المرتبة الثالثة تأتي بنما، التي تميزت بنظام “علم الملاءمة” المفتوح، يتيح هذا النظام لمالكي السفن من جميع أنحاء العالم تسجيل سفنهم تحت العلم البنمي، والاستفادة من قوانين ميسرة ورسوم منخفضة مقارنة بالدول الأخرى. ولذلك، تجذب بنما مالكي السفن من مختلف القارات، سواء من أوروبا أو آسيا أو الأمريكتين، مما يفسر تصنيفها بين أكبر أساطيل العالم رغم صغر حجم قطاع الشحن المحلي.
مصطلح “علم الملاءمة” يشير إلى تسجيل السفن في دولة أجنبية للاستفادة من قوانين تشغيل مرنة أو ضرائب ورسوم منخفضة، ويعكس علم السفينة الدولة التي تحكم قوانين تشغيلها وليس بالضرورة الدولة المالكة للسفينة أو جنسية طاقمها.
وبجانب بنما، تُصنف ليبيريا بشكل مستمر بين أكبر أساطيل التجارة في العالم لنفس الأسباب، مما يوضح كيف يمكن للسياسات القانونية والمالية أن تؤثر على حجم الأسطول البحري للدولة.