شهد المشهد العسكري الأوروبي تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث تتشكل ملامحه من مزيج بين التنافسات التاريخية والضغوطات الأمنية المعاصرة. ومع تصاعد التوترات، لا سيما بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، شهدت القارة زيادة ملحوظة في الإنفاق العسكري وتوسيع أعداد القوات، في محاولة للاستعداد لأي تصعيد محتمل للنزاع.
يعرض الإنفوجرافيك التالي تقديرات حجم القوات العسكرية في أوروبا بحلول عام 2025، ويشمل الأفراد العاملين بالإضافة إلى القوة العسكرية الإجمالية، بما في ذلك قوات الاحتياط والوحدات شبه العسكرية. وتعتمد البيانات على موقع GlobalFirepower، مع تصنيف الدول بحسب عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
تتصدر روسيا قائمة أكبر الجيوش الأوروبية والعالمية، بعدد 1.3 مليون جندي عامل وأكثر من 3.5 مليون عسكري إجمالي، ما يجعلها القوة العسكرية الأكبر في القارة. من جانبها، عززت أوكرانيا قواتها إلى نحو 900 ألف جندي عامل و2.2 مليون عسكري، في ظل التعبئة العسكرية المستمرة لمواجهة التهديد الروسي. ويُظهر التحليل أن مجموع القوى البشرية لهاتين الدولتين، اللتين لا تنتميان إلى حلف الناتو، يفوق مجموع القوات العسكرية لدول أوروبا الغربية مجتمعة، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة في ظل الأزمة الراهنة.
وياتي ذلك في الوقت الذي قامت ثلاث مقاتلات روسية بانتهاك الحدود الإستونية يوم الجمعة، وذلك بعد مرور عشرة أيام على دخول حوالي عشرين طائرة مسيرة إلى المجال الجوي البولندي. ورغم أن التحقيقات لم تحدد بعد ما إذا كانت عمليات الطائرات المسيرة ليلة 9-10 سبتمبر مقصودة، ولا يزال الناتو يواصل فحص الحادث، وصفت السلطات الإستونية تحليق طائرات ميغ-31، الذي استمر نحو 12 دقيقة، بأنه “تصرف عدواني غير مسبوق”. وتأتي هذه الحوادث في سياق توتر عسكري مستمر بين روسيا والدول الأوروبية، يظهر أن التهديدات لم تعد محصورة بالجبهة الأوكرانية، بل تشمل الآن شرق القارة بأكمله، مما يبرز حجم المخاطر الأمنية التي تواجه المنطقة.
ضمن دول الناتو، تتصدر تركيا الحلف بعدد 355,200 جندي نشط، تليها بولندا (202,100) والمملكة المتحدة (184,860). وقد عززت هذه الدول قواتها بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة، استجابةً لعدم الاستقرار الإقليمي والتهديدات المتصاعدة من الشرق، خصوصًا في ضوء الصراع الروسي-الأوكراني. كما تحتفظ فرنسا وإيطاليا وألمانيا بقوات نشطة كبيرة، مع تعزيز استعداداتها الدفاعية في إطار التزامها بحماية أمن أوروبا ومواجهة أي تمدد محتمل للقوة الروسية.
وتُظهر بعض الدول الصغيرة استعدادًا عسكريًا كبيرًا رغم محدودية أعداد قواتها العاملة. فمثلاً، تمتلك فنلندا 24,000 جندي عامل، لكن إجمالي القوى العسكرية يصل إلى نحو 948,000 فرد بفضل نظام الاحتياط الضخم لديها، ما يعكس استراتيجيتها الدفاعية في مواجهة التهديدات الروسية المحتملة على الحدود الشمالية لأوروبا.
اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك | أكبر الجيوش عالميًا حسب عدد الأفراد
حروب الشوارع.. فزاعة الجيوش التي غيرت مجرى الصراعات عبر التاريخ
إنفوجرافيك | تصنيف أعلى الجيوش العربية قوة لعام 2022