طرحت شركة “Apple” مجموعة من التحديثات على أجهزتها خلال حدثها التسويقي السنوي الذي جرى يوم الثلاثاء، لكن الملاحظة الأبرز كانت الصمت شبه التام للشركة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، في خطوة تبدو متعمدة لتجنب الدخول في “حرب الذكاء الاصطناعي” التي يخوضها عمالقة وادي السيليكون.
وركز الحدث بشكل كامل على نقاط قوة الشركة التقليدية، وهي الأجهزة، حيث كُشف عن سماعات “AirPods” جديدة قادرة على ترجمة المحادثات ثنائية اللغة، وساعة ذكية تراقب ضغط الدم، وهاتف “iPhone” فائق النحافة.
وعلى الرغم من الحماس الذي أبداه الرئيس التنفيذي تيم كوك، الذي وصف هاتف “iPhone 17” بأنه “أكبر قفزة في تاريخ آيفون”، إلا أن مديري الشركة تجنبوا تمامًا التباهي بقدرات نماذجهم للذكاء الاصطناعي.
ولم يرد ذكر “”Apple Intelligence، وهو نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة، إلا في إشارات عابرة، كما تم تجاهل المساعد الصوتي “سيري” بالكامل، والذي كان من المفترض أن يكون واجهة طموحات “Apple” في هذا المجال.
يأتي هذا التحفظ بعد التجربة الكارثية التي شهدتها “Apple” العام الماضي عند محاولتها دمج “Apple Intelligence” في “سيري”، حيث اضطرت الشركة إلى التراجع عن ميزات رئيسية بسبب عدم دقتها، مثل ملخصات الرسائل النصية والأخبار التي كانت تولد عناوين مضللة ومثيرة للقلق.
ويرى محللون أن هذه العثرة النادرة لشركة مهووسة بصورتها التجارية جعلتها تتجنب المخاطرة بتكرار سيناريو “الوعد المبالغ فيه والأداء المخيب للآمال”.
وفي هذا السياق، يقول جادجو سيفيلا، المحلل في “Emarketer”إن “Apple” تتجنب الدخول في قلب سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، بينما تضع نفسها كمبتكر طويل الأمد في واجهة أجهزة الذكاء الاصطناعي”، مؤكدًا أن ميزة الشركة التنافسية تظل متجذرة في تجربة المنتج وليس في الذكاء الاصطناعي الخام.
ويبدو أن “Apple” تدرك أن تقنيتها للذكاء الاصطناعي ليست جيدة بما فيه الكفاية بعد، لكنها تدرك أيضًا أن تقنيات منافسيها تعاني من المشاكل ذاتها، فلم تجد أي شركة تقنية كبرى حتى الآن حالة استخدام موثوقة للذكاء الاصطناعي في المنتجات الاستهلاكية تبرر حجم الاستثمارات المليارية التي تُضخ في هذا المجال.
وعليه، فإن استراتيجية الشركة لا تعني التخلي عن الذكاء الاصطناعي، بل مضاعفة التركيز على ما تفعله بشكل أفضل، وهو صنع أجهزة تقنية جذابة ضمن نظام بيئي يصعب على المستخدمين مغادرته.
وبدلًا من إهدار المليارات على تقنية لا تزال في طور التخمين، يبدو أن Apple تفضل انتظار الفائز في هذا السباق المحموم، لتكون جاهزة للدخول في شراكة معه أو حتى الاستحواذ عليه، مستخدمة هيمنة أجهزة “آيفون” للحصول على أفضل الشروط الممكنة.