تكشف الأرقام الرسمية لعام 2024 عن خريطة واضحة لتدفقات الاستثمار الأجنبي الجديدة إلى مناطق السعودية، حيث برزت العاصمة الرياض كوجهة رئيسية بفارق شاسع عن باقي المناطق.
ويتزامن هذا التركز الاستثماري اللافت مع تسجيل المملكة قفزة تاريخية في إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية، والذي لامس حاجز التريليون ريال بنهاية العام، مما يعكس نجاح الخطط الاقتصادية ورؤية 2030 في تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية السعودية على الساحة العالمية.
وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الأجنبية الجديدة خلال عام 2024 نحو 119 مليار ريال سعودي، وهو رقم يؤكد الثقة المتزايدة للمستثمرين الدوليين في الاقتصاد السعودي، إلا أن توزيع هذه الاستثمارات يكشف عن تمركز جغرافي كبير، حيث استحوذت 3 مناطق فقط على أكثر من 91% من إجمالي هذه التدفقات.
تصدرت منطقة الرياض المشهد، حيث اجتذبت وحدها استثمارات بقيمة 73.07 مليار ريال، وهو ما يمثل حصة ضخمة بلغت 61.3% من إجمالي التدفقات.
ويعود هذا التفوق إلى كون الرياض العاصمة السياسية والمالية للمملكة، ومركزًا رئيسيًا لأكبر الشركات والمشاريع التنموية الكبرى، بالإضافة إلى كونها مقرًا إقليميًا لمئات الشركات العالمية التي تتخذ منها بوابة للوصول إلى أسواق المنطقة، مما يجعلها القطب الأول في استقطاب رؤوس الأموال ضمن مختلف مناطق السعودية.
وجاءت في المرتبة الثانية المنطقة الشرقية، التي تعد عاصمة الطاقة والصناعات الثقيلة في المملكة، حيث نجحت في جذب استثمارات بقيمة 23.18 مليار ريال، مشكّلة ما نسبته 19.5% من الإجمالي.
وتستفيد الشرقية من بنيتها التحتية الصناعية واللوجستية المتطورة وموانئها الحيوية التي تخدم قطاعات النفط والبتروكيماويات والتعدين، وتليها منطقة مكة المكرمة في المركز الثالث بحصة 10.7% وبقيمة استثمارات بلغت 12.7 مليار ريال، مدفوعة بالمشاريع العقارية والسياحية الضخمة المرتبطة بخدمة الحجاج والمعتمرين وتطوير البنية التحتية في العاصمة المقدسة وجدة.
وبينما حجزت منطقة المدينة المنورة المرتبة الرابعة بحصة لافتة بلغت 6.5% وبقيمة 7.73 مليار ريال، أظهرت الأرقام تراجعًا كبيرًا في حجم الاستثمارات الموجهة لبقية مناطق السعودية، فعلى سبيل المثال، حلت منطقة جازان خامسًا بحصة لم تتجاوز 0.7% (865 مليون ريال)، تلتها تبوك وعسير بحصص ضئيلة.
ويُظهر هذا التوزيع أن الجهود المستقبلية قد تتجه نحو تحفيز الاستثمار في باقي مناطق السعودية التي تمتلك مقومات وإمكانيات واعدة في قطاعات متنوعة كالسياحة والزراعة والتعدين والخدمات اللوجستية، بهدف تحقيق تنمية اقتصادية أكثر توازنًا وشمولية في كافة أنحاء المملكة.