بدأت دوائر التخطيط في الولايات المتحدة وأوروبا فتح ملف الضمانات الأمنية التي يمكن منحها لأوكرانيا بعد انتهاء الحرب مع روسيا، في خطوة تأتي عقب تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد فيها التزامه بمساعدة كييف وحمايتها في إطار أي تسوية سياسية محتملة.
ورغم أن تعهّد ترامب قوبل بترحيب من أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، إلا أن طبيعة هذه الضمانات لم تتضح بعد. وأوضح مسؤولون أميركيون أن البنتاغون يدرس سيناريوهات متعددة للدعم، لا تقتصر على تزويد كييف بالسلاح، بل قد تشمل ترتيبات ميدانية أوسع نطاقًا. غير أن الأمر، بحسب نفس المصادر، يحتاج إلى وقت لتحديد ما يمكن تنفيذه عمليًا وما قد تقبل به موسكو.
من بين السيناريوهات المطروحة، بحسب ما نشرته “رويترز” فكرة نشر قوات أوروبية داخل الأراضي الأوكرانية بإشراف مباشر من الولايات المتحدة. وستبقى هذه القوات – وفق ما نقلته مصادر مطلعة – تحت أعلام دولها، وليس تحت مظلة الناتو. بدوره أشار البيت الأبيض إلى أن واشنطن يمكن أن تلعب دور المنسّق لأي ضمانات أمنية، بينما سارعت الخارجية الروسية إلى رفض قاطع لأي وجود عسكري أوروبي أو أطلسي في أوكرانيا.
أما ترامب، فقد أكد علنًا أنه لا ينوي إرسال قوات برية أميركية، لكنه لمح إلى إمكانية تقديم دعم جوي واسع، سواء عبر تزويد كييف بأنظمة دفاع متطورة أو بفرض حظر جوي جزئي تدعمه المقاتلات الأميركية. وهو خيار يعكس محاولة الموازنة بين طمأنة الحلفاء الأوروبيين من جهة، وتجنّب الصدام المباشر مع موسكو من جهة أخرى.
ويستعد حاليًا القادة العسكريون لحلف شمال الأطلسي لعقد اجتماع افتراضي مخصص بالكامل لمناقشة أوكرانيا يوم الأربعاء. وخلاله سيعرض الجنرال الأميركي أليكسس غرينكويتش على نظرائه نتائج اللقاء الذي جمع ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن في ألاسكا، وسط ترقب لمواقف واشنطن تجاه شكل التسوية المقبلة. ومن المنتظر أن يشارك أيضًا رئيس هيئة الأركان الأميركية دان كين، الذي يجري مشاورات متوازية مع عدد من القادة الأوروبيين في واشنطن.
وتسعى إدارة ترامب إلى إنهاء الحرب سريعًا، إلا أن كييف تخشى أن يُترجم هذا الضغط إلى تنازلات تصب في مصلحة موسكو. فبينما تصف روسيا عمليتها في أوكرانيا بأنها دفاع عن أمنها القومي في مواجهة توسع الناتو، كما ترى كييف والدول الغربية أن ما يحدث ليس إلا محاولة سافرة للاستيلاء على أراضٍ بالقوة.
قالت الباحثة في الشؤون الأوروبية الدكتورة هالة الساحلي، في مداخلة لبرنامج “هنا الرياض” المُذاع على قناة الإخبارية، إنه في موازاة التحركات الأميركية، تعمل بروكسل على بلورة منظومة ضمانات خاصة بها. وأضافت ان الأولوية بالنسبة للأوروبيين حاليًا تكمن في استمرار بناء الجيش الأوكراني، الذي يوصف اليوم بأنه الأقوى في القارة من حيث العتاد والخبرة القتالية رغم محدودية حجمه العددي (نحو 8 آلاف عنصر). مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهّد بتمويل برامج التسليح، وتوسيع نطاق الردع ليشمل البر والبحر والجو.
وأضافت: “الشراكات الثنائية تشكّل ركيزة في هذه الخطة، كما هو الحال مع فرنسا وبريطانيا. إذ وقّعت لندن مع كييف اتفاقية طويلة الأمد تنص على تدريب القوات الأوكرانية داخل الأراضي البريطانية وتعاون دفاعي قد يمتد لمئة عام، إلى جانب التزام متبادل بالدفاع عن المصالح الحيوية في حال تعرضها للخطر. وتابعت “رغم أن هذه الخطوات الأوروبية تمنح أوكرانيا دعامة قوية، إلا أن الاتحاد الأوروبي يرى أن الضمانة الحقيقية تكمن في انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في اتفاق دفاعي مع كييف”.