logo alelm
Delphi-2M.. ذكاء اصطناعي يتنبأ بألف مرض خلال 20 عامًا

طور علماء من المختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية ومركز الأبحاث الألماني للسرطان نموذجاً ثورياً للذكاء الاصطناعي يحمل اسم “Delphi-2M” يمكنه التنبؤ بخطر الإصابة بأكثر من ألف مرض لمدة تصل إلى عقدين مقدماً.

ويستند هذا النموذج إلى نفس التقنية المستخدمة في تطوير ChatGPT، حيث يستخدم الشبكات العصبية المبنية على معمارية المحولات، لكن بدلاً من معالجة النصوص، يحلل تسلسل التشخيصات الطبية والأحداث الصحية.

يشرح موريتز جيرستونغ، خبير الذكاء الاصطناعي في مركز الأبحاث الألماني للسرطان، أن فهم تسلسل التشخيصات الطبية يشبه تعلم القواعد النحوية في النص، مضيفاً أن النموذج يتعلم الأنماط في البيانات الصحية والتشخيصات السابقة وكيفية حدوثها وتتابعها.

وقد تم تدريب النموذج على بيانات مجهولة الهوية من 400,000 مشارك في قاعدة بيانات UK Biobank البريطانية، والتي تعتبر واحدة من أكبر قواعد البيانات الطبية في العالم.

للتحقق من دقة النموذج، اختبره الباحثون على بيانات من 1.9 مليون مريض في السجل الطبي الوطني الدنماركي، مما أثبت فعاليته عبر أنظمة صحية مختلفة.

ويستطيع Delphi-2M التنبؤ بمجموعة واسعة من الحالات الصحية تشمل أنواع مختلفة من السرطان، وأمراض القلب والنوبات القلبية، والسكري، وتسمم الدم، وأكثر من 1,000 مرض مصنف حسب نظام ICD-10.

مع ذلك، أظهر النموذج نجاحاً أكبر في التنبؤ بالحالات ذات الأنماط الواضحة والمتسقة مثل أنواع محددة من السرطان والنوبات القلبية والأمراض ذات التطور الواضح.

في المقابل، واجه صعوبة أكبر في التنبؤ بالاضطرابات النفسية ومضاعفات الحمل والحالات المتأثرة بأحداث الحياة غير المتوقعة.

يرى إيوان بيرني، المدير التنفيذي المؤقت للمختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية، أن هذا النموذج يمثل خطوة كبيرة نحو مناهج أكثر تخصيصاً ووقائية للرعاية الصحية.

ويضيف أنه من خلال نمذجة كيفية تطور الأمراض عبر الزمن، يمكن البدء في استكشاف متى تظهر مخاطر معينة وكيفية التخطيط للتدخلات المبكرة.

في هذا السياق، تتضح الإمكانيات المستقبلية لهذه التقنية في تحديد المرضى عالي الخطورة قبل ظهور الأعراض وتخصيص برامج الفحص والمتابعة، بالإضافة إلى التدخل المبكر لمنع تطور الأمراض.

كما يمكن أن تساعد في تحسين إدارة الموارد الصحية من خلال توزيع أفضل للموارد الطبية وتخطيط احتياجات الرعاية الصحية وتقليل التكاليف عبر الوقاية.

رغم هذه الإمكانيات الواعدة، يواجه النموذج قيوداً مهمة تستوجب التنويه إليها. فالبيانات التدريبية مستمدة من أشخاص بين 40-60 عاماً، مما يعني نقص تمثيل للفئات العمرية الأصغر وبعض المجموعات العرقية.

كما أن النموذج يقدم احتماليات وليس يقينيات، فهو يعطي تقديرات لخطر حدوث المرض وليس تأكيداً قاطعاً. إضافة إلى ذلك، يؤكد الباحثون أن النموذج غير جاهز للاستخدام السريري ويحتاج لمزيد من التطوير والاختبار.

يعلق غوستافو سودري، أستاذ الذكاء الاصطناعي الطبي في كلية كينجز لندن، بأن هذا البحث يبدو خطوة مهمة نحو النمذجة التنبؤية القابلة للتوسع والقابلة للتفسير والأهم من ذلك المسؤولة أخلاقياً.

لكن بيتر بانيستر، الباحث في تكنولوجيا الصحة في معهد الهندسة والتكنولوجيا البريطاني، يحذر من أن هذا لا يزال بعيداً عن تحسين الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن قواعد البيانات البريطانية والدنماركية متحيزة من ناحية العمر والعرق ونتائج الرعاية الصحية الحالية.

في المقارنة مع الأدوات الحالية، يستخدم الأطباء حالياً أدوات حاسوبية للتنبؤ بمخاطر الأمراض، مثل برنامج QRISK3 الذي يستخدمه الأطباء البريطانيون لتقييم خطر النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.

لكن Delphi-2M يتميز بقدرته على التعامل مع جميع الأمراض دفعة واحدة وعلى مدى فترة زمنية طويلة، حسب المؤلف المشارك إيوان بيرني.

يرى موريتز جيرستونغ أن هذا يمثل بداية طريقة جديدة لفهم صحة الإنسان وتطور المرض، مضيفاً أن النماذج التوليدية مثل نموذجهم قد تساعد يوماً ما في تخصيص الرعاية وتوقع الاحتياجات الصحية على نطاق واسع.

وبالتالي، تمثل هذه التقنية نقلة نوعية محتملة في الطب، حيث قد تمكن من التحول من الطب العلاجي إلى الوقائي وتخصيص الرعاية الصحية حسب المخاطر الفردية وتحسين كفاءة الأنظمة الصحية وإنقاذ أرواح عبر التدخل المبكر.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

 سرطان نادر ينتشر بين الشباب.. كيف تحمي نفسك؟

المقالة التالية

ترامب وشي يناقشان صفقة تيك توك والتجارة الثنائية في اتصال هاتفي