logo alelm
من الأكثر عرضة لإدمان الألعاب؟

كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة تشارلز داروين الأسترالية عن وجود صلة قوية بين الأشخاص الذين يملكون سمات تشبه التوحد دون تشخيص رسمي وزيادة خطر تطوير عادات لعب إلكتروني مشكلة، مما يسلط الضوء على الحاجة لفهم أعمق للدوافع وراء سلوكيات اللعب.

منهجية البحث وحجم المشكلة

نُشرت الدراسة في مجلة Addictive Behaviors Reports تحت عنوان “تحليل الوساطة للسمات الشبيهة بالتوحد ودوافع اللعب على أعراض اللعب الإشكالي”، وهي تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف حول الألعاب الإشكالية، خاصة مع مشاركة نحو ثلث سكان العالم في الألعاب الرقمية.

شملت الدراسة أشخاصًا يلعبون ألعاب الفيديو ساعة واحدة على الأقل أسبوعيًا، مع إفادة أكثر من نصف المشاركين بأنهم يقضون أكثر من 10 ساعات أسبوعيًا في اللعب.

ركز البحث على فهم كيفية استخدام الأشخاص للألعاب كوسيلة للهروب من الضغوط الحياتية والمشاكل والمشاعر السلبية.

اكتشاف محوري

توصلت الدراسة إلى نتيجة مفاجئة حول سلوك الأشخاص ذوي السمات الشبيهة بالتوحد (ALTs).

تقول البروفيسورة كيم كودويل، المؤلفة المشاركة في الدراسة: “وجدنا أن الأشخاص ذوي السمات الشبيهة بالتوحد لا يرتبطون بشكل قوي بالدوافع الاجتماعية مقارنة بدوافع الهروب، لكن كلًا من هذين الدافعين يساهم في تفسير العلاقة بين هذه السمات واللعب الإشكالي”.

هذا الاكتشاف يكشف عن تناقض مثير للاهتمام: بينما يُفترض أن الألعاب الإلكترونية تُستخدم كأداة للتواصل الاجتماعي، إلا أن الأشخاص ذوي السمات الشبيهة بالتوحد يميلون أكثر لاستخدامها كوسيلة للانعزال والهروب من التحديات الحياتية.

تجنب الوصم والتركيز على الدوافع

من أهم ما يميز هذه الدراسة هو تأكيد الباحثين على عدم شيطنة الألعاب أو اللاعبين.

تشدد البروفيسورة كودويل على أن “النتائج لا تعني أن وجود اضطراب طيف التوحد أو السمات الشبيهة بالتوحد سيؤدي بالضرورة إلى اللعب الإشكالي، بل توضح أهمية فهم العوامل التي تشكل سلوك اللعب”.

هذا التوجه يمثل نقلة مهمة في البحث العلمي، حيث ينصب التركيز على فهم الدوافع الجذرية بدلًا من إدانة النشاط نفسه أو وصم فئات معينة من اللاعبين.

نهج يركز على الأسباب

تقترح الدراسة نهجًا علاجيًا مبتكرًا يركز على معالجة الدوافع الكامنة وراء اللعب المفرط بدلًا من محاولة منع اللعب كليًا.

تقول البروفيسورة كودويل: “من خلال التركيز على الدوافع الكامنة، قد تكون التدخلات لعلاج اللعب الإشكالي أكثر فعالية في معالجة أسباب المشكلة، مع تجنب وصم الأشخاص ذوي التفاعل العالي مع الألعاب”.

هذا النهج يهدف إلى الحفاظ على التوازن في ممارسة الألعاب بدلًا من تجريمها أو منعها كليًا، مما يعكس فهمًا أكثر نضجًا لطبيعة العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا الترفيهية.

فجوة بحثية مهمة

ما يجعل هذه الدراسة مميزة هو تركيزها على الأشخاص ذوي السمات الشبيهة بالتوحد دون تشخيص رسمي، وهي فئة لم تحظ باهتمام كافٍ في الأبحاث السابقة.

يوضح الدكتور مال فلاك، المحاضر الأول في علم النفس والمؤلف المشارك، أن “معظم الأبحاث السابقة ركزت على اللعب الإشكالي من منظور تشخيصي، مثل بين المصابين باضطراب طيف التوحد“.

هذا التركيز على الأشخاص الذين يقعون في “المنطقة الرمادية” بين الطبيعي والتشخيص الرسمي يفتح آفاقًا جديدة لفهم طيف أوسع من السلوكيات البشرية وتقديم الدعم المناسب للفئات المهمشة.

آفاق البحث المستقبلية

تشير الدراسة إلى إمكانيات بحثية واعدة تشمل توسيع عينة الاستطلاع لتشمل فئات أوسع من الناس، بالإضافة إلى استكشاف عوامل أخرى محتملة قد تساهم في اللعب الإشكالي مثل الصحة النفسية وتفضيلات الألعاب المحددة.

هذا التوجه البحثي يعد بتقديم فهم أكثر شمولية لظاهرة الألعاب الإشكالية، مما قد يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية أكثر فعالية وأقل وصمًا للأشخاص المتأثرين.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

أيسلندا الدولة الوحيدة عالميًا التي ليس بها بعوض.. ما السبب؟

المقالة التالية

ألغاز يعجز الذكاء الاصطناعي عن حلها بينما يستغرق البشر ثوانٍ لفك شفرتها