يونيو ٢٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
اكتشاف علمي مذهل.. فصيلة دم جديدة يمتلكها شخص واحد فقط

توصل العلماء إلى اكتشاف استثنائي بعد عثورهم على فصيلة دم جديدة، لتعيد رسم وفهم مدى تعقيد وندرة التركيب البيولوجي البشري، وأنه لا يقتصر فقط على التصنيفات الثمانية الشهيرة (A, B, AB, O) بنوعيها الموجب والسالب.

وأعلن باحثون من مؤسسة الدم الفرنسية (EFS) عن تحديد فصيلة دم جديدة، وهي الـ 48 التي تعترف بها الجمعية الدولية لنقل الدم (ISBT) رسميًا، لكن المذهل في هذا الاكتشاف هو أن هذه الفصيلة لم تُكتشف حتى الآن إلا لدى شخص واحد على وجه الأرض.

هذه الحالة الفريدة تعود لسيدة فرنسية تبلغ من العمر 68 عامًا من جزيرة غوادلوب الكاريبية، والتي أصبحت تُعرف في الأوساط العلمية باسم “غوادا”. وبسبب طفرة جينية نادرة، أصبحت هذه السيدة، على حد تعبير العلماء، “الشخص الوحيد في العالم المتوافق مع نفسه”، مما يسلط الضوء على أهمية هذا الكشف ليس فقط كإضافة علمية، بل كضرورة حيوية لضمان سلامة عمليات نقل الدم للمرضى ذوي الحالات النادرة.

رحلة الكشف عن فصيلة دم جديدة

بدأت قصة هذا الاكتشاف المذهل قبل حوالي 15 عامًا، وتحديدًا في عام 2011، عندما كانت السيدة “غوادا” تخضع لفحوصات روتينية في باريس استعدادًا لعملية جراحية. خلال تلك الفحوصات، لاحظ الباحثون وجود جسم مضاد غير مألوف في دمها، ولم يتمكنوا من تحديد فصيلتها أو إيجاد أي تطابق لها. في ذلك الوقت، لم تكن التقنيات التحليلية متقدمة بما يكفي لكشف سر هذا الدم الغامض، فبقيت القضية طي الكتمان لمدة 8 سنوات.

في عام 2019، قرر الفريق العلمي إعادة فتح الملف، مستعينين بتقنيات تسلسل الجينات عالية الإنتاجية التي أتاحت تحليلًا أعمق وأسرع للحمض النووي. وبعد عامين من البحث المفصل الذي شمل تسلسل الجينوم الكامل للسيدة، تمكنوا أخيرًا من فك الشفرة وتحديد الطفرة الجينية المسؤولة عن فصيلة الدم الجديدة والفريدة. وقد تم الإعلان رسميًا عن هذا الإنجاز وتقديمه في مؤتمر الجمعية الدولية لنقل الدم في ميلانو في يونيو من هذا العام، ليتم اعتماد فصيلة “غوادا سالب” (Gwada-negative) باعتبارها النظام الثامن والأربعين في العالم.

التعقيد الهائل لأنظمة الدم

يُعيد هذا الاكتشاف التأكيد على أن أنظمة فصائل الدم البشرية أكثر تعقيدًا بكثير مما هو شائع. فإلى جانب نظامي ABO وRh (عامل الريزوس)، حدد العلماء أكثر من 600 نوع مختلف من المستضدات (بروتينات وسكريات على سطح خلايا الدم الحمراء)، مما يعني وجود ملايين المجموعات المحتملة نظريًا.

وتكمن الأهمية القصوى لمعرفة هذه المستضدات في ضمان سلامة عمليات نقل الدم. فعندما يتلقى شخص دمًا من فصيلة غير متوافقة، يتعرف جهازه المناعي على المستضدات الغريبة كأجسام دخيلة ويشن هجومًا قد يكون مميتًا. وعلى الرغم من أن عمليات نقل الدم التي تعتمد على تطابق نظامي ABO وRh تحقق نسبة نجاح تصل إلى 99.8%، لأن الاستجابة المناعية لا تهاجم جميع المستضدات بنفس الشراسة، إلا أن تحديد فصائل الدم شديدة الندرة يظل أمرًا حيويًا لتجنب المضاعفات الخطيرة لهؤلاء المرضى. ويسهم اكتشاف فصيلة دم جديدة في توفير رعاية أفضل وأكثر أمانًا للمرضى الذين يعانون من فصائل دم نادرة.

الأساس الجيني للاكتشاف ومستقبل البحث

أظهرت الأبحاث أن هذه فصيلة دم جديدة ناتجة عن طفرة فريدة في جين يُعرف باسم “PIGZ”، وهو جين يغير طريقة تثبيت البروتينات على سطح خلايا الدم. وقد ورثت السيدة هذه الطفرة من والديها، اللذين يحمل كل منهما نسخة من الجين المتحور. هذا الأساس الجيني يفتح الباب أمام الخطوة التالية للفريق البحثي، وهي البحث عن أشخاص آخرين قد يحملون هذه السمة الفريدة.

ونظرًا لأن فصائل الدم وراثية وتنتشر غالبًا بين المجموعات السكانية ذات الأصول المشتركة، يخطط الفريق لبدء البحث بين المتبرعين بالدم في موطن السيدة الأصلي. وبشكل عام يساعد التقدم المذهل في تقنيات تسلسل الجينات يعزز من وتيرة اكتشاف هذه الفصائل، حيث أصبح العلماء يكتشفون أكثر من فصيلة دم جديدة سنويًا في الآونة الأخيرة.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

رونالدو نصراوي حتى 2027.. “الدون” مستمر مع العالمي رسميًا

المقالة التالية

إنفوجرافيك| التعليق الأول من خامنئي على الحرب بين إيران والاحتلال