ما مدى سيطرة الصين على المعادن الحيوية في العالم؟

نوفمبر ١, ٢٠٢٥

شارك المقال

ما مدى سيطرة الصين على المعادن الحيوية في العالم؟

تتربع الصين اليوم على قمة شبكات توريد المعادن الحيوية في العالم، حيث تلعب دورًا محوريًا في توفير المواد الأساسية للصناعات الحديثة؛ فالكثير من التقنيات المتقدمة، بدءًا من السيارات الكهربائية ووصولًا إلى أشباه الموصلات، تعتمد بشكل كبير على معادن حيوية يتم استخراجها أو صهرها أو التحكم فيها من قبل الشركات الصينية، ما يمنح الصين نفوذًا استراتيجيًا كبيرًا في الاقتصاد التكنولوجي العالمي.

تسيطر الصين على إنتاج ما لا يقل عن 15 معدنًا حيويًا أو مجموعات معدنية مهمة، بما في ذلك الغاليوم بنسبة 98.7%، والمغنيسيوم بنسبة 95%، والتنغستن بنسبة 82.7%، والفلزات الأرضية النادرة بنسبة 69.2%، وتدخل هذه المواد بشكل أساسي في صناعات استراتيجية مثل الطاقة النظيفة، والدفاع، والإلكترونيات المتقدمة.

وبالإضافة إلى كونها المنتج الأكبر عالميًا لهذه المعادن الحيوية، تتحكم الصين أيضًا في معظم قدرات التكرير والمعالجة الخاصة بها. فعلى سبيل المثال، يتم تكرير نحو 90% من الفلزات الأرضية النادرة داخل الصين، مما يمنحها سيطرة كبيرة على سلاسل التوريد العالمية، ويجعل أي دولة تعتمد على هذه المواد معرضة لتقلبات السوق أو القيود المحتملة، سواء لأسباب اقتصادية أو استراتيجية.

أصبح هذا الاحتكار الصيني للمعادن الحيوية مصدر قلق كبير للدول الأخرى، نظرًا لاعتماد العديد من الصناعات الاستراتيجية على هذه المواد؛ ففي الولايات المتحدة، سعت إدارة ترامب آنذاك إلى زيادة الإنتاج المحلي لهذه المعادن وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الصين، ضمن جهود أوسع لتعزيز الأمن الاقتصادي والتكنولوجي وحماية الصناعات الحيوية من أي اضطرابات محتملة في سلاسل التوريد العالمية.

رغم الهيمنة المطلقة للصين في إنتاج العديد من المعادن الحيوية، هناك بعض الدول الأخرى التي تلعب أدوارًا استراتيجية وحيوية في الأسواق العالمية، إذ تمثل البرازيل نحو 91% من إنتاج النيبيوم العالمي، وهو معدن أساسي يُستخدم في صناعة الفولاذ عالي القوة المستخدم في خطوط الأنابيب، ومحركات الطائرات، وغيرها من الصناعات الهندسية المتقدمة، ما يجعل للبرازيل موقعًا مهمًا ضمن شبكات التوريد العالمية لهذه المواد الاستراتيجية.

كما تمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية نسبة كبيرة من الإنتاج العالمي لبعض المعادن الحيوية، حيث تُنتج 75.9% من الكوبالت و41.9% من التنتالوم. ويُعد هذان المعدنان ضروريين للغاية في صناعة البطاريات الحديثة والإلكترونيات الدقيقة، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والمركبات الكهربائية.

وتعتبر جنوب أفريقيا لاعبًا رئيسيًا آخر في إنتاج المعادن الحيوية، حيث تزود نحو 70.6% من إنتاج البلاتين العالمي، بالإضافة إلى نحو نصف إنتاج الكروم على مستوى العالم. وتُستخدم هذه المعادن على نطاق واسع في صناعات السيارات، والمجوهرات، والسبائك الصناعية.

سعت أستراليا، والولايات المتحدة، ودول غربية أخرى إلى تنويع مصادر إنتاج المعادن الحيوية وتقليل الاعتماد الكبير على الموارد الصينية. وشملت هذه الجهود زيادة الإنتاج المحلي، وتطوير مشاريع التعدين الجديدة، والاستثمار في التكنولوجيا والتكرير، بهدف تعزيز الأمن الاستراتيجي والاقتصادي وضمان استمرار توافر المواد الأساسية للصناعات الحيوية دون تعرض سلاسل التوريد لمخاطر الاحتكار أو التقلبات الجيوسياسية.

أصبحت أستراليا الآن أكبر منتج لليثيوم على مستوى العالم، حيث تمثل نحو 36.7% من الإنتاج العالمي، مما يساهم بشكل كبير في دعم سلاسل الإمداد للسيارات الكهربائية والأسواق التقنية خارج الصين. وفي الوقت نفسه، تظل الولايات المتحدة أكبر منتج للبريليوم عالميًا، حيث تمثل نحو نصف الإمدادات العالمية، وهو معدن حيوي يستخدم في التطبيقات الدفاعية والتقنيات المتقدمة.

مع ذلك، يظل الاعتماد على الصين مرتفعًا بشكل عام في إنتاج العديد من المعادن الحيوية والمكونات الأساسية للصناعات الحديثة. فرغم الجهود المبذولة من قبل أستراليا، والولايات المتحدة، ودول غربية أخرى لتنويع مصادر الإمداد، تظل الصين اللاعب الأهم في الأسواق العالمية.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech