
أغلق مؤشر السوق الرئيسية «تاسي» بنهاية الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 عند مستوى 11,502.97 نقطة، منخفضًا بنحو 5.91% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بحسب التقرير الإحصائي الصادر عن تداول السعودية.
وسجّل السوق خلال تلك الفترة انخفاضًا جماعيًا في مؤشرات الأداء، حيث بلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة نحو 9.3 تريليون ريال (2.48 تريليون دولار)، متراجعة بنسبة 7.77% عن العام الماضي. كما انخفضت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة إلى 1.01 تريليون ريال (270.4 مليار دولار)، أي بانخفاض يقارب 31% مقارنة بالتسعة أشهر الأولى من 2024.
وشهد السوق كذلك تراجعًا في عدد الأسهم المتداولة إلى 49.79 مليار سهم مقابل 57.48 مليار سهم في الفترة المقابلة، بانخفاض قدره 13.37%، فيما انخفض عدد الصفقات المنفذة إلى 91.91 مليون صفقة مقارنة بـ97.95 مليون صفقة، أي بتراجع نسبته 6.16%..
ورغم هذا التباطؤ، حافظ السوق على نشاطه اليومي المعتاد، إذ بلغ عدد أيام التداول خلال الأشهر التسعة 185 يومًا، بزيادة طفيفة عن العام الماضي.
يرى محللون أن تراجع المؤشر والنشاط يعكس تحولًا في سلوك المتداولين أكثر من كونه ضعفًا في السوق. فبعد عامين من الأداء القوي المدفوع بارتفاع أسعار النفط والطروحات الكبرى، اتجه المستثمرون في 2025 إلى الحذر وإعادة التقييم، خصوصًا في ظل تباطؤ النمو العالمي وارتفاع أسعار الفائدة.
ورغم التراجع العام، تبرز المؤسسات المالية المحلية والأجنبية كلاعب رئيسي في السوق، مستفيدة من الأسعار المنخفضة لإعادة بناء مراكزها الاستثمارية طويلة الأجل.
وتشير البيانات إلى أن المستثمرين الأفراد ما زالوا يحتفظون بنسبة مؤثرة من التداولات اليومية، لكن قراراتهم باتت أكثر تحفظًا مقارنة بسنوات الصعود السابقة.
ويأتي هذا الأداء في سياق اقتصادي عالمي متقلب، حيث ضغطت تقلبات أسعار النفط وسياسات الفائدة المرتفعة على الأسواق الناشئة، بما فيها الخليجية. كما تأثر السوق السعودي جزئيًا بعمليات الاكتتابات الكبيرة التي سحبت جزءًا من السيولة الاستثمارية قصيرة الأجل.
في المقابل، ساهم استمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع رؤية السعودية 2030 في دعم الثقة العامة بالاقتصاد الوطني، وهو ما يفسر بقاء السوق في نطاق مستقر نسبيًا رغم التراجع في أحجام التداول.
ويُجمع خبراء على أن ما تشهده السوق لا يمثل تباطؤًا مقلقًا، بقدر ما يعكس نضوجًا في سلوك المستثمرين. فبدلًا من الاندفاع وراء المضاربات قصيرة الأجل، بات التركيز على تحليل الأداء المالي للشركات ومتابعة التوزيعات والعوائد المستدامة.
وتتوقع «تداول السعودية» أن تشهد الفترة المتبقية من العام تحسنًا تدريجيًا في مستويات السيولة، خصوصًا مع اقتراب تنفيذ مشاريع جديدة ودخول استثمارات أجنبية إضافية. كما يتوقع مراقبون أن تدعم سياسات تنويع الاقتصاد قطاعات جديدة مثل التقنية والطاقة المتجددة، ما يمنح السوق زخمًا مستقبليًا.