رفع صندوق النقد الدولي، اليوم الثلاثاء، من توقعاته بشأن نمو الاقتصاد السعودي إلى 3.6% خلال 2025، وذلك ضمن أحدث تقاريره حول توقعات الاقتصاد العالمي، والذي قدّم خلاله رؤية أكثر تفاؤلًا بشكل حذر مما كان متوقعًا في السابق.
وبحسب التقرير، رفع صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو العالمي إلى 3% لهذا العام، وهو تحسن عن نسبة 2.8% التي توقعها في أبريل. وعلى الرغم من أن هذا الرقم لا يزال يمثل تباطؤًا عن النمو المسجل في عام 2024، إلا أنه يشير إلى أن الاقتصاد العالمي قد نجح في تجنب سيناريو الركود المدمر الذي كان يخشاه الكثيرون. ويعزو صندوق النقد الدولي هذا التحسن بشكل أساسي إلى تراجع حدة التوترات التجارية التي بدأها الرئيس ترامب.
كان إعلان الرئيس ترامب في أبريل عن خطط لفرض رسوم جمركية واسعة قد أثار موجة من الذعر في الأسواق العالمية، ودفع الاقتصاديين إلى توقع تباطؤ حاد. لكن منذ ذلك الحين، انخرطت الإدارة الأمريكية في مفاوضات تجارية مع شركائها الرئيسيين، مما أدى إلى تأجيل أو تخفيض بعض هذه الرسوم. ونتيجة لذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن يبلغ متوسط معدل الرسوم الجمركية الفعلي في الولايات المتحدة 17.3%، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات السابقة البالغة 24.4%. ورغم أن هذا المعدل لا يزال مرتفعًا تاريخيًا، إلا أن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مؤخرًا مع اليابان والاتحاد الأوروبي لتحديد الرسوم عند 15% قد خففت من المخاوف.
وقدم تقرير صندوق النقد الدولي تحليلًا مفصلًا لأداء الاقتصادات الكبرى. فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.9%، مدعومًا بالتخفيضات الضريبية التي أقرها الجمهوريون. أما في منطقة اليورو، فقد تم رفع التوقعات لنمو الناتج إلى 1%، ويرجع ذلك جزئيًا إلى اندفاع المستوردين الأمريكيين لشراء الصادرات الدوائية الأيرلندية قبل تطبيق الزيادات الجمركية. وفي الصين، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 4.8%، وهو رقم أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي السابقة، حيث استفادت بكين من قيام الشركات بتخزين الصادرات تحسبًا للرسوم المستقبلية.
على الرغم من هذه النظرة الأكثر إيجابية، لم يغفل صندوق النقد الدولي عن التحذير من المخاطر الكبيرة التي لا تزال تهدد الاستقرار العالمي. وأشار التقرير إلى أن “انتعاش معدلات الرسوم الجمركية الفعلية قد يؤدي إلى ضعف النمو”، خاصة مع استمرار حالة عدم اليقين المحيطة بالمفاوضات التجارية.
كما حذر صندوق النقد الدولي من تنامي العجز المالي كعائق رئيسي أمام الاقتصاد العالمي، مشيرًا بشكل خاص إلى الولايات المتحدة. فوفقًا لتقديرات الصندوق، سيزيد قانون الضرائب والإنفاق الجديد العجز في الميزانية الأمريكية بمقدار 1.5 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026، مما يثير “حالة من عدم اليقين بشأن الاستدامة المالية على المدى الطويل” وقد يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة وتشديد الأوضاع المالية العالمية.
وفيما يتعلق بالأسعار، لا يبدو أن للرسوم الجمركية تأثيرًا كبيرًا على التضخم العالمي، الذي يتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضه إلى 4.2%. ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود مؤشرات “مبدئية” في الولايات المتحدة على أن الشركات بدأت في تحميل تكلفة الرسوم الجمركية على المستهلكين.