في اليوم العالمي للموسيقى نتذكر معًا واحدة من أهم الأغاني في تاريخ الموسيقى السعودية، وهي أغنية مقادير.. ونذكر تحديدًا إحدى الحلقات القديمة لبرنامج “يا هلا بالعرفج” على قنوات روتانا، تم سرد قصة ملهمة حول أحد أشهر الألحان في تاريخ الموسيقى السعودية، وهي أغنية “مقادير”. فماذا يمكن قوله عن هذه الأغنية وأثرها ليس في تاريخ الموسيقى السعودية فحسب بل في الثقافة السعودية الشعبية أيضًا.
تحدث الناقد السعودي محمد سلامة أن معالي الوزير أحمد زكي يماني وزير البترول الأسبق بين عامي 1962 إلى 1986 قد أخذ الفنان طلال مداح – رحمهما الله- إلى أمريكا في رحلة علاجية بسبب معاناته من بعض المشاكل الصحية. أثناء تواجدهم هناك، كان من المفترض أن يلقي الوزير محاضرة عن أمور سياسية تخص المملكة وذلك في ولاية جورجيا، وكان الحضور يضم مجموعة من الأعداء اليهود الذين كانوا يترقبون الأسئلة التي ستثار حول العلاقات السعودية بالكيان المحتل، وبقية الموضوعات الشائكة.
وبمجرد انتهائه من المحاضرة، اقترح الوزير أن يقدم طلال مداح عرضًا موسيقيًا، وقال إنه يمثل الثقافة السعودية بامتياز. وعندما بدأ طلال في الغناء، أنصت الجميع بشكل مذهل، ومع جودة مكبرات الصوت، بدأ طلال بأداء أغنيته الشهيرة “مقادير”، والتي قوبلت بتصفيق حار من الحضور. وتحدث الوزير في تلك الحلقة عن كيف كان طلال مداح بمثابة خير سفير للسعودية في مكان قد يكره السعوديين.
وفي نفس الحلقة، كشف العرفج أن أغنية “مقادير” كان من المفترض أن يؤديها الفنان محمد عبده، ولكن بسبب تأجيله للأغنية لمدة عامين، قام الأمير محمد عبدالله الفيصل بإعطائها لطلال مداح، ليقوم طلال بغنائها في حفل زفاف. وقد أثار أداء طلال مداح لـ”مقادير” ندم محمد عبده، الذي عاتب الأمير محمد عبدالله الفيصل على ذلك، إلا أن الأمير صارحه بأن “مقادير” تستحق أن تظهر للنور في النهاية.
كما ورد في الحلقة أن أغنية “مقادير” من أبرز أغاني سراج عمر، الذي قام بتلحينها على مرحلتين. في البداية، كان سراج عمر يعاني من مزاج سيء، مما جعل اللحن يحمل طابعًا حزينًا مفعمًا بالشجن، ثم تحول إلى جزء آخر مبهج ومليء بالحيوية عندما كان في حالة من الفرح والسعادة.
أغنية “مقادير” ليست فقط من أشهر الأغاني السعودية، بل تعد أيضًا أول أغنية يتم تصويرها بطريقة الفيديو كليب في المملكة. ويقال إن السيارة التي ظهرت في الكليب، كانت هدية من الأمير محمد بن عبدالعزيز رحمه الله، لطلال مداح، مما أضاف لها لمسة خاصة من الفخامة.
وبفضل أداء طلال مداح الفريد وصوتيه الرائع، أصبحت “مقادير” من أكثر الأغاني شهرة في السعودية، حتى اجتازت الحدود لتصبح أغنية محبوبة في دول عدة. ومن الطريف أن الحجاج الأندونسيين اعتقدوا أن الأغنية “مقادير” هي جزء من التراث الذي يُستقبل به أفواج الحجاج في موسم الحج، وذلك بسبب شهرتها وارتباطها العاطفي في قلوب الكثيرين.
ومع احتفالنا بـ اليوم العالمي للموسيقى، نعيد تذكّر “مقادير” كأحد الأعمال الفنية التي تمثل الثقافة السعودية في أبهى صورها. فبفضل طلال مداح وألحان سراج عمر، استطاعت الأغنية أن تظل خالدة في الذاكرة الموسيقية السعودية والعربية، وترسخ مكانتها كواحدة من أجمل الألحان التي شكلت جزءًا مهمًا من الهوية الموسيقية في المملكة.
