يونيو ٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
مشعر منى.. إرث النبوة الخالد و تجسيد لسنن المرسلين

يبدأ حجاج بيت الله الحرام من اليوم الأربعاء التوافد على مشعر منى لقضاء يوم التروية، استعدادًا لقضاء الركن الأعظم غدًا على جبل عرفات. ويحمل وادى منى المقدس قيمة دينية كبيرة لدى جميع المسلمين تتجسد فيه معاني التضحية والطاعة الت يتظل حية في وجدان الأمة الإسلامية.

ويشكل وادي منى المقدس، الواقع على بعد نحو 7 كيلومترات شرق مكة المكرمة وفي الطريق إلى مزدلفة، قلبًا نابضًا لمناسك الحج، حيث يحمل دلالات تاريخية وروحية عميقة تمتد جذورها إلى عهد النبي إبراهيم عليه السلام. هذا المشعر، الذي تحيط به الجبال ويشهد شعائر رئيسية كرمي الجمرات والمبيت وأعمال النحر والتحلل، يروي قصة تطور مستمر في خدمة وفود الرحمن.

مدينة الخيام الحديثة

بعد أن كانت الخيام في منى تُنصب تقليديًا من مواد بسيطة وتفتقر لعناصر الأمان والراحة، تحتضن “مدينة الخيام” اليوم ما يزيد عن 100 ألف خيمة حديثة وثابتة. هذه المنشآت، المصنوعة من ألياف زجاجية متطورة مقاومة للحرائق ومكيفة بالكامل، تغطي مساحة شاسعة تقارب 2.5 مليون متر مربع.

وتخضع الخيام لنظام ترقيم دقيق يسهل على الحجاج الوصول إلى مواقعهم ويعزز التنظيم، مشكّلةً بذلك منظومة إيواء متكاملة تدعمها شبكة واسعة من الخدمات الصحية والأمنية واللوجستية، لتحول منى إلى مدينة حيوية مؤقتة بكامل مقوماتها خلال أيام الحج.

جسر الجمرات

في قلب المشعر، يبرز جسر الجمرات بأدواره المتعددة، والذي يمتد بطول 950 مترًا وعرض 80 مترًا، بقدرة استيعابية فائقة تتجاوز 300 ألف حاج في الساعة الواحدة. هذه التحفة الهندسية، المزودة بمداخل ومخارج متعددة من كافة الاتجاهات، وسلالم كهربائية، وممرات مخصصة للطوارئ، بالإضافة إلى منظومة رصد ذكية تعتمد على كاميرات المراقبة وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وتساعد تلك التحديثات على إدارة تدفقات الحجيج بفعالية عالية خلال أداء شعيرة رمي الجمرات (الصغرى والوسطى والكبرى)، وتقلل بشكل كبير من مخاطر التزاحم. كما يضم الجسر مرافق خدمية متكاملة تشمل نقاطًا للإسعاف والدفاع المدني، ومناطق للراحة، ومظلات واقية، ونظام تبريد متطور يعتمد على الرذاذ المائي لتلطيف الأجواء.

مسجد الخيف

يحظى مسجد الخيف العريق في منى، وهو من المواضع التي صلى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويُعد من أبرز معالم المشاعر المقدسة، بعناية استثنائية من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.

بمساحته الشاسعة (23,500 متر مربع) وطاقته الاستيعابية التي تفوق 27,000 مصلٍ، ومآذنه الأربع وأبوابه الرئيسية والمتعددة للطوارئ، ودورات المياه المجهزة (1,440 للرجال و300 للنساء)، بالإضافة إلى 95 شاشة توعوية، و4 مكتبات رقمية، و40 كاميرا مراقبة، وتجهيزات السلامة والتكييف الحديثة (166 طفاية حريق، 373 وحدة تكييف سبليت، 14 وحدة تهوية مركزية، و1400 سجادة جديدة)، يقف المسجد شاهدًا على الاهتمام الفائق بتراث المشعر وتوفير سبل الراحة للمصلين.

رعاية تاريخية بمشعر منى

تمتد جذور العناية بمشعر منى إلى فجر الإسلام، حيث أولاه الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من ولاة المسلمين اهتمامهم البالغ. وفي العصر الحديث، شهد المشعر نقلة تطويرية شاملة وغير مسبوقة في ظل الرعاية السعودية، منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله – وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

هذه الجهود المتواصلة، التي تشمل مشاريع بنية تحتية عملاقة، وتوسعًا في الخدمات، وتوظيفًا للتقنيات الذكية، وتطويرًا لمنظومات إدارة الحشود، تندرج ضمن رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى الارتقاء المستمر بجودة تجربة الحاج، وتمكينه من أداء مناسكه في جو من اليسر والأمن والطمأنينة.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

في يوم التروية.. قوافل الإيمان تتوافد إلى منى

المقالة التالية

إنفوجرافيك | 16 دولة تستحوذ بـ66% من سكان العالم