في قلب حي الهنداوية التاريخي بجدة، حيث لم تتبق سوى الأنقاض بعد عمليات الإزالة الواسعة التي طالت المباني المجاورة، يبرز منزل وحيد صامد، لم تمتد إليه معاول الهدم، ليثير فضول وتساؤلات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، فما قصة هذا المبنى الاستثنائي؟
يعود تاريخ المنزل لأكثر من 90 عامًا، وهو ليس مجرد بناء عتيق، بل يحمل في طياته تاريخًا عريقًا وقيمة ثقافية ومعمارية جعلت وزارة الثقافة تتخذ قرارًا بإعفائه من عمليات الإزالة.
ويعود هذا القصر إلى الشيخ أبو نصيب، وهو من أبرز تجار الأخشاب في جدة خلال فترة حكم الملك عبد العزيز آل سعود.
كان الشيخ أبو نصيب شخصية محورية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بجدة، وبحسب الروايات المتداولة، كان له دور كبير في تطوير النشاط التجاري بالمدينة، ليس هذا فحسب، بل امتدت إسهاماته لتشمل العمل الخيري، حيث ساهم في تشييد عدد من المساجد والمدارس.
وتكشف المعلومات المتوفرة عن امتلاكه لمجموعة عقارات في منطقة جدة القديمة، بالإضافة إلى بستان شهير عُرف باسم “بستان أبو نصيب” يقع في حي بترومين.
الصورة التي انتشرت للمنزل، والتي تظهر تصميمه التراثي المميز وسط الدمار، عززت الاعتقاد بأنه تم استثناؤه لقيمته التاريخية والتراثية الفريدة.
وأشار أحد السكان الأصليين لحي الهنداوية عبر منصات التواصل الاجتماعي أن هذا المنزل هو بالفعل “قصر أبو نصيب”، مضيفًا أن هناك منزلاً آخر قديمًا ومميزًا قريبًا منه، وهو منزل “آل الجيلاني”، مما يبرز وجود عدد من المباني التاريخية التي قد تحمل قصصًا مشابهة.
وتؤكد وزارة الثقافة باستمرار أنها تبذل جهودًا في الحفاظ على التراث العمراني والتاريخي، لا سيما في المناطق التي تشهد تطويرًا واسع النطاق، ففي الوقت الذي تتجه فيه جدة نحو مستقبل عمراني جديد، يظل هذا المنزل الصامد بمثابة شاهد على حقبة مضت، ورمزًا لأهمية التوازن بين التطور الحديث والحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية للمدينة.