عندما يتعلق الأمر بإدارة المال، قد تشعر أحيانًا بأنك مضطر لتفعل كل شيء: استغلال بطاقاتك الائتمانية لأقصى حد، تقليل الضرائب قدر الإمكان، تحقيق أعلى عوائد من استثماراتك، واستخراج أكبر فائدة من مدخراتك.
هذا الشعور بالضغط طبيعي تمامًا، تقول كريستين بنز، خبيرة التمويل الشخصي والتقاعد: "عندما تتعلم الأساسيات وتحاول متابعة كل جديد، قد يسيطر عليك شعور أن الطريق الصحيح الوحيد هو الانغماس في التفاصيل، وأن أي تبسيط للأمور خطأ".
لكن الواقع مختلف، إذا كنت من محبي التفاصيل المالية ولديك الوقت لذلك، فهذا رائع، أما بالنسبة لمعظمنا، فإن تبسيط الأمور يوفر وقتًا وجهدًا كبيرين، ويتيح لنا التركيز على حياتنا وأولوياتنا، مع الاستمرار في الوصول إلى أهدافنا المالية.
بنز تصف هذا الأسلوب بأنه "النهج العملي": اتباع خطوات بسيطة وواقعية قد لا تحقق أقصى استفادة ممكنة، لكنها تمنح نتائج مماثلة بجهد ووقت أقل بكثير. أربع استراتيجيات أساسية كافية لجعل إدارة أموالك سهلة وفعالة.
الميزانية العكسية
توضح كريستين بنز أن تحقيق الكثير من الأهداف المالية الكبرى، مثل التوفير للتقاعد وتسديد الديون، يعتمد على قدرتك على ادخار جزء ثابت من دخلك بانتظام.
وتقول بنز: "إذا كنت تدخر بشكل منتظم ومعقول، فإن ذلك يقلل الحاجة للانشغال بالكثير من التفاصيل الأخرى. حتى لو لم تكن قراراتك الاستثمارية مثالية، فإن معدل الادخار الجيد يعالج الكثير من الأمور التي قد لا تكون مثالية في خطة المال".
ببساطة، استثمار 20% من دخلك بشكل منتظم في محفظة متواضعة الأداء سيمنحك غالبًا نتائج أفضل من استثمار 5% فقط في محفظة عالية الأداء.
ولتسهيل الأمور أكثر، يمكن تجربة استراتيجية تستخدمها بنز تُعرف بـ الميزانية العكسية. الفكرة هنا أنه بدل محاولة ضبط مصاريفك لتحسين معدل التوفير، تختار نسبة ثابتة من دخلك —توصي بنز بـ 15% كنسبة معقولة— وتخصص هذا المبلغ تلقائيًا من كل راتب لتحقيق أهدافك المالية، أما الباقي فهو لك لتديره كما تشاء.
الاستثمار في الصناديق المؤشرة
من الناحية النظرية، يمكن للشخص الذي يختار الاستثمارات الصحيحة في الوقت المناسب أن يتفوق على سوق الأسهم على المدى الطويل. لكن الواقع يختلف، فالأمر صعب جدًا في الممارسة العملية. على سبيل المثال، مديرو صناديق الأسهم الأمريكية الكبرى، الذين يُفترض أن يتفوقوا على مؤشر S&P 500، أظهروا أن فقط 8% من هذه الصناديق استطاعت تحقيق ذلك خلال العقد المنتهي في يونيو 2025.
لذلك توصي كريستين بنز ببناء محفظة أساسية من الصناديق المؤشرة، وهي صناديق تتبع مؤشرات السوق بدلاً من محاولة التفوق عليها، مع رسوم منخفضة وإدارة سهلة.
تقول بنز: "تشير الكثير من البيانات إلى أن الصناديق المؤشرة خيارات ممتازة، ولا تتطلب إدارة يومية. فهي تمنحك فرصة الاستثمار في أجزاء مختلفة من سوق الأسهم والسندات من خلال صندوق واحد فقط".
وتضيف: "بالنسبة لي، الصناديق المؤشرة تمثل نقطة التقاء مثالية بين الاستفادة المثلى واتباع أسلوب 'الجيد بما يكفي' في بناء المحفظة".
تبسيط علاقاتك المالية
لا أحد يرغب في وضع أمواله في حساب يوفر فائدة ضئيلة جدًا، ولكنك لا تحتاج أيضًا إلى التنقل المستمر بين الحسابات بحثًا عن بضع أعشار من النقطة المئوية، بحسب بنز.
تقول بنز: "أزعجني كثيرًا فكرة الناس الذين يركضون وراء أفضل أدوات الادخار النقدي. أفضل طريقة لتحسين وضعك المالي هي الاعتماد على مؤسسة منخفضة التكلفة توفر عائدًا تنافسيًا مستمرًا".
وفي سياق الوسطاء الماليين، قد يعني ذلك مقارنة ما ستحصل عليه في ما يُعرف بـ"حسابات السوييب" — وهي الأماكن التي يُودَع فيها أموالك داخل حساب الوساطة عندما لا تكون مستثمرة.
وبالنسبة لحسابات التوفير عالية العائد، من المهم أن تتذكر أن الفوائد تتغير باستمرار. غالبًا ما يكون أبسط وأقل إزعاجًا أن تلتزم ببنك تحبه ويمنحك معدل فائدة جيد، بدل التنقل المستمر بين البنوك الإلكترونية التي تقدم أعلى معدل في الوقت الحالي.
وإذا كان هذا البنك أو الوسيط المالي يقدم أيضًا بطاقات ائتمان تمنح مكافآت تناسبك، فذلك أفضل، بحسب بنز. فوجود معظم أموالك تحت سقف واحد يجعل إدارتها أسهل بكثير عند الحاجة للتعامل معها.
تؤكد بنز: "تقليل عدد المؤسسات المالية التي تتعامل معها هو ممارسة جيدة للغاية، وهذا لا يعني أن تكون كسولًا تمامًا، لكن إذا استطعت تقليل عدد الجهات التي تحتاج للتواصل معها، فهذا يعود بالنفع على كل شيء".
الاستعانة بمستشار مالي
كريستين بنز تعمل وتكتب عن المال طوال حياتها، وصدَر لها كتاب عن التقاعد. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بإدارة أموالها والتخطيط لتقاعدها الشخصي، لجأت هي وزوجها إلى مستشار مالي.
يسمح لها هذا بالتمتع بخطة مالية محسّنة بعناية، مع ترك التفاصيل الدقيقة لأخصائي يمكنه ضبطها باستخدام أدوات قوية ومتطورة. تقول بنز: "كل شيء مضبوط بدقة، وهذا يمنحني راحة كبيرة لأن شخصًا آخر يتولى عملية التحسين هذه باستخدام أدوات قوية أيضًا".
ليس المقصود أن بنز أو أي شخص آخر غير قادر على القيام بذلك بمفرده، لكن تفويض جزء من العمل يمكن أن يمنحك وقتًا وتركيزًا على الأمور التي تهمك فعليًا، بنز تفضل العمل مع المستشارين الذين يتقاضون أجرًا مقابل الخدمة فقط، سواء بالساعة، أو مقابل خدمات محددة، أو على شكل اشتراك شهري أو سنوي، مع التأكيد على أنهم لا يحصلون على عمولات من بيع منتجات مالية، لتجنب أي تضارب في المصالح.
بالنسبة لبنز، كان العمل مع محترف يستحق التكلفة: "في البداية شعرت قليلًا بأن عليّ أن أقوم بكل شيء بنفسي، لكن في النهاية أدركت أن الاستعانة بشخص يمتلك أدوات تجعله قادرًا على إيجاد حلول ممتازة، وهو شيء لا أملكه بنفسي، كان قرارًا ذا قيمة كبيرة".
