وجّه عدد من الفنانين المصريين استغاثة عاجلة بسبب تداعيات قانون الإيجار القديم، بعدما صدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتنطلق صرخات من داخل الوسط الفني تطالب بإعادة النظر في القانون، لا سيما من كبار السن والمخضرمين الذين يقيمون منذ عقود في منازل مستأجرة وأصبحوا مهددين بالطرد من منازلهم.
ينص القانون الجديد على إخلاء المستأجر للوحدة السكنية خلال 7 سنوات من تاريخ إقراره، ما يعني أن عشرات الفنانين معرضون فعليًا للطرد من منازلهم، التي تشكّل بالنسبة إليهم أرشيفًا حيًا لتاريخ فني طويل ومليء بالذكريات.
الفنانة القديرة نبيلة عبيد كانت من أوائل من رفعوا الصوت، موضحة أن شقتها الواقعة بمنطقة جامعة الدول العربية لا تُعد مجرد منزل بل مرجع فني وتاريخي يحتفظ بجوائزها ومقتنياتها وسيناريوهات أفلامها.
وقالت بأسى: “هذه الشقة تحمل كل تفاصيل حياتي، كيف يمكنني مغادرتها؟”، وأضافت أنها لا تمانع في رفع الإيجار، لكنها تخشى الطرد من المنزل بعد سبع سنوات كما ينص القانون.
وأكدت أن تلك الخطوة قد تمحو جزءًا مهمًا من ذاكرتها الشخصية والمهنية.
أما الفنانة المعتزلة شمس البارودي، فقد تناولت الموقف من زاوية ساخرة عبر منشور لها على “فيسبوك”، قالت فيه إنها غادرت شقتها في الإسكندرية طوعًا، رغم تمسك المالك ببقائها. وأضافت: “دفعت خلال سنوات الإيجار ما يعادل ثمن شقة… لو كنت اشتريتها منذ البداية لكان أفضل!”
واعتذرت في ختام منشورها عن أسلوبها الساخر، معتبرةً أن السخرية وسيلة للتعامل مع الأزمات التي لا يُعرف كيف تُحل.
الممثل وفنان البانتوميم أحمد نبيل وجّه رسالة مؤثرة إلى رئيس الجمهورية، عبّر فيها عن صدمته من القانون الذي قد يؤدي إلى الطرد من المنزل الذي عاش فيه 50 عامًا. وقال: “يعزّ عليّ أن يصدر قانون يطردني من الشقة التي أسستها بعرقي… هذا المكان ليس جدرانًا، بل سجلًّا لفني وتاريخي”.
وأشار نبيل إلى أنه يعيش حاليًا بمعاش تقاعدي لا يكفي لعلاج نفسه وزوجته، مؤكداً أن الخروج من منزله سيتطلب أكثر من مجرد إجراءات قانونية… إنه طرد من الذاكرة نفسها.
الفنانة نادية رشاد عبّرت هي الأخرى عن قلقها، مؤكدةً أن سنها المتقدمة وحالتها الصحية لا تسمحان لها بالانتقال إلى مكان جديد.
وقالت في تصريحات إعلامية إنها لا تعترض على رفع الإيجار، لكنها تناشد المسؤولين: “لا تطردونا من منازلنا، نحن لم نعد قادرين على البدء من الصفر”.
من جانبه، قال الفنان أحمد الحلواني إنه حاول التفاوض مع مالك العقار، وعرض عليه مبلغ 30 ألف جنيه كـ”خلو رجل”، لكنه قوبل بالرفض، وتابع: “عرضت أيضًا رفع الإيجار… لكنه تمسّك بحقي القانوني في استرداد الشقة بعد 7 سنوات”.
وعبر الحلواني عن حزنه لاضطراره إلى مغادرة منزله الكائن بمنطقة الدرب الأحمر، وهي منطقة شعبية لا تنتمي إلى مناطق الرفاهية، لكن الرحيل عنها يظل مؤلمًا، خاصة حين يتحوّل الأمر إلى طرد من المنزل بأمر قانوني.
ينص قانون الإيجار القديم المعدّل على فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للمستأجرين السكنيين، وخمس سنوات للوحدات المؤجرة لأغراض غير سكنية، مع منح المالك حق التقدّم بطلب للطرد لدى المحكمة بعد انتهاء المهلة، إذا امتنع المستأجر عن الإخلاء.
رغم أن القانون جاء ليرفع الظلم عن الملاك الذين تقاضوا مبالغ زهيدة لسنوات، إلا أنه أطلق موجة من الجدل المجتمعي، خصوصًا لدى الفئات الضعيفة من كبار السن والمثقفين والفنانين، ممن لا يملكون بدائل سكنية ويخشون الطرد من منازلهم التي عاشوا فيها أعمارهم الكاملة.
يطالب العديد من الفنانين بمراجعة القانون أو تقديم استثناءات خاصة للحالات الإنسانية، لا سيما أولئك الذين تجاوزوا الستين، أو يعانون من ظروف صحية ومعيشية صعبة، مؤكدين أن الأمر لا يتعلق برفاهية السكن بل بـالكرامة الإنسانية.
وتعالت الدعوات لإنشاء لجنة خاصة للنظر في هذه الحالات، أو على الأقل منح الأولوية لتوفير مساكن بديلة للمهددين بـالطرد من منازلهم بسبب عدم قدرتهم على تملّك شقق جديدة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| قائمة الفنانين العالميين الأكثر مبيعا تاريخيا