بعد الثورة التكنولوجية الهائلة التي نعيشها في مختلف المجالات الصناعية، يتجه العالم حاليًا نحو إحياء كل ما هو صديق للبيئة، للحد من التلوث الذي يهدد الأرض ومن يعيش عليها.
ومن هذه المجالات التي يحاول روادها البحث عن حماية البيئة من التلوث، مجال المنسوجات والأقطان، حيث يتجه العالم حاليًا نحو إحياء زراعة الأقطان الملونة طبيعيًا، لما ستوفره من مزايا عديدة، أبرزها إدخاله في مرحلة التصنيع مباشرة، واختصار مرحلة الصباغة التي تعد مرحلة باهظة التكاليف، ومن أكثر المراحل الملوثة للبيئة بسبب مخلفات المصانع.
تاريخ القطن الملون طبيعيًا
عرف القطن الملون طبيعيًا من حوالي 4500 عام في الأمريكتين، حيث زرعته واستخدمته الشعوب الأصلية في الأراضي الأمريكية لعدة قرون.
وتشير بعض السجلات إلى أنه عندما عبر الإسبان لأول مرة صحراء بيرو في عام 1531، فوجئوا برؤية الحقول الواسعة المزروعة بالقطن الملون.
وبمرور الوقت تلاشت هذه الزراعة بسبب الاعتقاد أن الأقطان البيضاء أفضل من الملونة، وأنه قد ينتج عن صبغها ألوان عديدة وزاهية، بخلاف أن القطن الملون حتى ذلك الوقت كانت فتلته قصيرة ويصعب نسجه في المصانع الأوروبية التي كانت تعتمد على القطن ذي الفتلات الطويلة.
[two-column]
القطن الملون لا يحتاج لمرحلة الصباغة، وهو ما سيوفر الكثير من التكاليف والطاقة المهدرة في مصانع الصباغة، وهي المرحلة الأكثر كلفة في صناعة النسيج
[/two-column]
إحياء زراعة القطن الملون طبيعيًا
أعادت عالمة الحشرات الأمريكية سالي فوكس، إنتاج ألياف القطن الملونة بشكل طبيعي، حيث نجحت في تطوير الألياف الملونة عن طريق التهجين لتكون طويلة بما يكفي للغزل الناجح وذلك في مطلع التسعينيات.
وبعد أبحاثها الناجحة قامت “فوكس” بتسجيل علامة تجارية للقطن الطبيعي الملون باسم Fox Fibre.
وفي نفس الفترة، اجتمع الأخوان “بيرد” مع المهندس الزراعي “هارفي كامبل”، في كاليفورنيا وشكلوا شركة باسم BC Cotton Inc، للعمل في مجال الأقطان الملونة بشكل طبيعي.
وتسعى حاليًا العديد من الدول لتطوير زراعة القطن الملون أبرزها، الهند والولايات المتحدة الأمريكية، أما بالنسبة للقطر العربي فأعلنت مصر منذ أيام نيتها الدخول في هذا المجال، وأنها أجرت العديد من الدراسات لإنتاج أنواع وألوان جديدة.
المزايا التي أحيت زراعته
يرى العديد من المتخصصين في مجال زراعة القطن، وصناعة المنسوجات مزايا عدة لإحياء زراعة واستخدام الأقطان الملونة طبيعيًا، أبرزها إمكانية زراعته باستخدام الطرق العضوية، والتي توفر مقاومة عالية للحشرات والأمراض، وتتماشى مع ارتفاع الطلب في أوروبا عليه.
ومن أبرز خصائص القطن الملون أنه لا يحتاج لمرحلة الصباغة، وهو ما سيوفر الكثير من التكاليف والطاقة المهدرة في مصانع الصباغة، وهي المرحلة الأكثر كلفة في صناعة النسيج، والأكثر تلويثًا للبيئة بسبب المخلفات الصناعية.
ويتميز القطن العضوي بأنه يمنح الوقاية الطبيعية من الأمراض الجلدية التي تسببها الأقطان المصنعة بسبب نعومته الفائقة، كما يقاوم العفن الفطري، بالإضافة إلى قدرته العالية على حماية الجسم من الأشعة فوق البنفسجية.