من الصعب علينا أن نتخيل كيف تشعر الكائنات البحرية داخل عالمها، لكن الواضح أن واقعهم معقد للغاية، وأن التأثيرات التي يسببها الإنسان تجعل حياتهم أكثر صعوبة.
تتعدد مصادر التلوث التي تؤثر على الكائنات البحرية، وتشكل مصدر تهديد لهم، كالتنقيب عن النفط والغاز في قاع البحر، والتدريبات العسكرية، وحركة الملاحة البحرية، وغيرها.. لكن ما هي الأخطار الخفية على الحياة البحرية؟
حواس خارقة
يقول داني جروفز، مدير الاتصالات في منظمة Whale and Dolphin Conservation غير الربحية: “بالنسبة للحيتان والدلافين، فإن حاسة السمع لا تقل أهمية عن الرؤية بالنسبة للبشر، ويضيف أن تأثيرات الاضطرابات التي يسببها الإنسان على الحيتان ضخمة”.
يهدد التلوث السمعي تجمعات الحيتان والدلافين في المحيط، ويقطع سلوكهم الطبيعي، ويدفعهم بعيدًا عن المناطق المهمة لبقائهم على قيد الحياة، وربما يتسبب في وفاتهم، بحسب جروفز.
ويشير إلى أن الزلازل والصواعق تحدث أيضًا تأثيرات سلبية على الكائنات البحرية، لكنها تحدث على فترات، على عكس التأثيرات التي يحدثها البشر.
تصطاد الحيتان باستخدام تحديد الموقع بالصدى أو تقنية biosonar وقد تتأثر أكثر بضوضاء الشحن، ولكن هناك ما هو أكثر من الضوضاء.
تهديد وجودي
تشير الأبحاث إلى أن كل طرق الاستشعار لدى الكائنات البحرية يضعفها النشاط البشري.
بالنسبة للحيتان والدلافين وخنازير البحر، يؤثر التلوث الكيميائي والصوتي على الطريقة التي يمكن أن تعمل بها أجسامهم بعدة طرق.
تكون بعض التأثيرات فورية وحادة، في حين أن البعض الآخر يكون مزمنًا وطويل الأمد، وإلى جانب التأثير على حواسهم وقدرتهم على التواصل، يمكن للتلوث البحري أن يضعف الخصوبة والجهاز المناعي لديهم.
يشرح خبير الصوتيات الحيوية بجامعة سانت أندروز في إسكتلندا، توماس جويتز، أن التلوث السمعي يمكن أن يعوق التواصل والقدرة على سماع أصوات تحديد الموقع بالصدى، ويغير سلوك الحيوان ويرفع مستويات التوتر.
ويضيف: “بالنسبة إلى حيتان شمال الأطلسي، يمكن أن تؤدي الضوضاء منخفضة التردد الصادرة عن السفن الكبيرة، إلى زيادة المواد الكيميائية المرتبطة بالإجهاد وقمع النمو وانخفاض الخصوبة وضعف وظائف الجهاز المناعي. هذا الضغط المزمن له تأثير فسيولوجي”.
قد تؤدي الضوضاء المفاجئة والحادة في البيئة البحرية إلى نزيف في الأذن، بينما قد يؤدي التعرض المستمر للضجيج منخفض المستوى إلى تغيير أنماط سلوكه وجعل التواصل أو التغذية أكثر صعوبة.
يمكن أن تعاني الحيتان والدلافين التي تغوص في الأعماق أيضًا من مرض تخفيف الضغط عندما تطفو على السطح بسرعة كبيرة، وبمرور الوقت، يصابون بتمزقات في الأنسجة الداخلية بسبب تكوين فقاعة النيتروجين، ولكن من الصعب استنتاج ما إذا كان ذلك قد حدث لأسباب طبيعية أو ضوضاء من صنع الإنسان.
التعدين البحري
وفقًا لبحث جديد، قد يتسبب التعدين في أعماق البحار أيضًا في حدوث اضطرابات شديدة، حيث قدر الباحثون البحريون أن الضوضاء الصادرة من لغم واحد فقط في قاع البحر يمكن أن تنتقل لمسافة 500 كيلومتر.
في الأماكن التي قد تعمل فيها مناجم متعددة، يمكن أن يكون التأثير التراكمي للتلوث الصوتي أكبر بكثير.
تقول كريستين إربي، إحدى المؤلفين المشاركين في الدراسة، وهي أستاذة في الصوتيات تحت الماء في جامعة كيرتن الأسترالية: “إن تقدير ضجيج المعدات والمنشآت المستقبلية يمثل تحديًا، ومن خلال تحديد مستوى الضوضاء في مرحلة التصميم الهندسي، يمكننا الاستعداد بشكل أفضل لكيفية تأثير ذلك على الحياة البحرية”.
السباحة في الماء السام
ربما تكون المواد الكيميائية الاصطناعية السامة واحدة من أكثر أشكال التلوث خطورة التي تدخل المحيط، ويقع اللوم الأكبر على الملوثات العضوية الثابتة () التي لا تتحلل بسهولة، وينتهي بها المطاف في دهون خنازير البحر والدلافين والحيتان.
أحد الملوثات الموروثة السامة هو فئة من 209 مادة كيميائية صناعية تُعرف باسم ثنائي الفينيل متعدد الكلور، وتم اختراعها في عشرينيات القرن الماضي، واستخدمت في مبردات الآلات، والسلع الكهربائية، ومثبطات اللهب، والدهانات.
على الرغم من حظرها على مستوى العالم منذ أكثر من 40 عامًا، إلا أنها باقية في مدافن النفايات وتتسرب إلى البيئة البحرية.
يشرح ديفيل سبب القلق الشديد لمركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور: “إنها تعمل بطريقتين، فهي تؤثر على جهاز المناعة، لذلك قد تكون الحيوانات مصابة بالكثير من الأمراض الثانوية لأن نظامها المناعي مرهق بشكل أساسي، كما أنه يؤثر أيضًا على التكاثر بدرجة كبيرة”.
في عام 2016، تم العثور على حوت أوركا نافق على ساحل جزيرة تيري في إسكتلندا، ووجد بعد تشريح جسدها أنها تحتوي على مستويات عالية للغاية من ثنائي الفينيل متعدد الكلور، وخلص العلماء إلى أنها كانت واحدة من أكثر الحيوانات تلوثًا على هذا الكوكب من حيث عبء ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ولم يجد العلماء أي دليل على أنها كانت نشطة في الإنجاب.
كيف نجحت السعودية في تحسين الرقم القياسي للإنتاج الصناعي مقارنة بـ 2021؟
“فيكتور بوت”.. من هو تاجر الموت الذي بادلته روسيا باللاعبة الأمريكية”بريتني غرينر”؟
عشرات الأطباق من الطعام.. هل أقيمت وليمة ضخمة في مونديال قطر 2022؟