“إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”، كلمات خالدة للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، الذي يوافق اليوم 9 أكتوبر ذكرى وفاته، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على أبرز المحطات في حياة “شاعر الأمل”.
كان أبو القاسم الشابي شاعرًا وجدانيًا عميق الإحساس، وكان من أعلى الأصوات التي نادت بانفتاح الشعر العربي على الفكر والخيال والتحرر من الصورة النمطية القديمة.
نشأته وتعليمه
ولد أبو القاسم الشابي في قرية الشابة بمحافظة توزر عاصمة الواحات بجنوب تونس في 24 فبراير عام 1909، ونشأ في أسرة متدينة مثقفة، لأب قاضٍ تخرج في الجامع الأزهر.
أكسبته مرافقة والده في جميع تنقلاته بين المدن التونسية معرفة بالكثير من المناطق وشغف بها قلبه.
كان لأبي القاسم الشابي ذاكرة قوية، فتمكن من حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة، لينطلق بعد ذلك للتوسع في دراسة أصول الدين واللغة، قبل أن يرسله والده إلى جامع الزيتونة بالعاصمة ليتابع دراسته الثانوية عام 1920.
نهل من علوم مكتبتي قدماء الصادقية والخلدونية تاريخ الأدب القديم والحديث، إلى جانب دروسه في الجامع، كما توسع في الترجمات التي كانت نافذته التي أطل منها على الأدب الأوروبي.
بعد 7 سنوات من الدراسة في الجامع، حصل على شهادة ختم الثانوية -أرفع الشهادات في ذلك الوقت- قبل أن يلتحق بمدرسة الحقوق التونسية، والتي تخرج فيها عام 1930.
خلال وجوده في العاصمة تونس، اعتاد التردد على المجالس والمنتديات الأدبية والفكرية، من بينها النادي الأدبي بقدماء الصادقية.
رحلته الأدبية
دعا أبو القاسم الشابي للاقتداء بأعلام الغرب في الفكر والخيال خلال أول محاضرة له في حياته الأدبية بمكتبة الخلدونية، كما انتقد عقلية الجمود الراسخة في أذهان بعض رجال الثقافة والسياسة الذين يرفضون الانفتاح وتطوير الشعر والأدب والإبداع.
واستعرض في هذه المحاضرة كلّ إنتاج العرب من الشعر، وقد أصبح بعدها كاتب مجلس جمعية الشبان المسلمين حديثة النشأة.
تعرض للانتقاد بشكل كبير، ودعا بعض المحافظين لمقاطعته، وهو ما أثر في نفسه، وظهر ذلك في بعض أشعاره، وقد زاد وضعه النفسي سوءًا بعد وفاة والده ورحيل محبوبته.
كتب العديد من ألوان الشعر، أبرزها الطبيعة والغزل والوطنيات، ونشر في مجلة “أبولو” بالقاهرة العديد من قصائده، وهو ما جعل رئيس تحريرها الشاعر أحمد زكي أبو شادي، يطلب منه أن يكتب مقدمة ديوانه “الينبوع”.
تغنى الشابي بالمستقبل وآمن بالتجديد، وأعرض عن الجمود والتقليد، فتغنى بالحياة والفن والوطن والطبيعة والثورة وإرادة الحياة.
يعتبر ديوان أغاني الحياة من أشهر أعماله، والخيال الشعري عند العرب، وقد كتب جزءًا من مذكراته.
توفي أبو القاسم الشابي في عمر 25 عامًا بعد صراع طويل مع مرض القلب الذي ولد به.
أشعار أبو القاسم الشابي
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ.
النُّور في قلبي وبينَ جوانحي فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ.
خُذِ الحَيَاةَ كما جاءتْكَ مبتسماً في كفِّها الغارُ أَو في كفِّها العَدَمُ.
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ.
أَراكِ فَتَحْلو لَدَيَّ الحَيَاةُ ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأَملْ.
رَجعتُ بحزني إلى وَحْدَتي وردَّدْتُ نَوْحي على مسمعي
وَعَانَقْتُ في وَحْدتي لوْعتي وقلتُ لنفسي أَلا فاسْكُتي.
توفيق الحكيم.. الموظف غير الملتزم والقريب من الناس
رب السيف والقلم.. أبيات خالدة للشاعر والقائد محمود سامي البارودي
القود.. آلة موسيقية تجمع بين العود والقانون بتوقيع مبتكر سعودي