كانت المهارات الرقمية تعني ذات مرة امتلاك فهم أساسي لأجهزة الكمبيوتر، أما الآن، فالمهارة الرقمية أصبحت تعني أن تكون قادرًا على العمل بشكل مناسب واستراتيجي عبر الأدوات والأجهزة والمنصات الرقمية المتاحة.
المفهوم الجديد للأمية الرقمية
كان محو الأمية الرقمية يعني القدرة على إرسال بريد إلكتروني، أو الكتابة باستخدام برنامج معالجة الكلمات، لقد كانت مهارة مطلوبة إلى حد كبير من العاملين في مجال المعرفة – الأشخاص الذين قد يستخدمون برامج معينة في العمل، ويحتاجون إلى أن يكونوا طليقين في كيفية استخدامها وفقًا لذلك.
لكن العبارة تطورت بشكل كبير الآن، وأصبحت محو الأمية الرقمية، تعني امتلاك المهارات اللازمة للازدهار في مجتمع يتم فيه الاتصال والوصول إلى المعلومات بشكل متزايد عبر التقنيات الرقمية، مثل المنصات عبر الإنترنت والأجهزة المحمولة.
ويشمل مفهوم محو الأمية الرقمية، فهماً واسعاً لمجموعة من الأدوات الرقمية التي تتيح العمل داخل المكتب، أو العمل الهجين، أو العمل عن بعد، في جميع أنواع أماكن العمل.
اليوم، لم تعد محو الأمية الرقمية اقتراحًا وظيفيًا ، إنها عقلية، موجودة بقوة في مكان العمل الحديث، والأهم من ذلك، أن المهارات الرقمية لم تعد ضرورية فقط في العمل المعرفي، ولكنها مطلوبة في أغلب المجالات وأنماط العمل، حيث أظهر تقرير حكومي بريطاني أن المهارات الرقمية مطلوبة في 82٪ على الأقل من الوظائف الشاغرة المعلن عنها عبر الإنترنت.
وفي هذا السياق يقول “ينج تشي”، مدير مركز أبحاث مستقبل العمل بجامعة “سوري” بالمملكة المتحدة، إن العمال الذين يقفون مكتوفي الأيدي ويتوقفون عن اكتساب الخبرة الرقمية يخاطرون بالتخلف عن الركب.
وأوضح “تشي”: “في كل مرة يتم فيها تطوير التكنولوجيا، فإنها تزيد من متطلبات مهارات القوى العاملة، فيصبح سباقًا بين المهارات الرقمية والتقنية، فكلما تقدمت التقنية بشكل أسرع، كان علينا تحديث مهاراتنا بشكل أسرع، بمعنى الحرص على رفع المستوى طوال الوقت “.
لماذا يحتاج الجميع إلى محو الأمية الرقمية؟
يرى مدير مركز أبحاث مستقبل العمل بجامعة “سوري” بالمملكة المتحدة، أن محو الأمية الرقمية مفهوم واسع، بمعنى أنه يمكنك العمل مع الأجهزة الرقمية من الطرق البسيطة إلى المهام المعقدة للغاية، فيمكن أن تختلف من طباعة فاتورة في متجر، إلى استخدام برامج معالجة النصوص وجداول البيانات، إلى الاستخدام المتقدم مثل تصميم الويب، وتحليل البيانات، وبرمجة الكمبيوتر، والترميز.”
نما الطلب في سوق العمل على محو الأمية الرقمية باستمرار منذ الثمانينيات، ويستشهد “تشي”، بأبحاث تظهر أنه في حين أن الطلب على مهارات القراءة والكتابة والحساب بين القوى العاملة في المملكة المتحدة قد استقر، فإن الأدوار التي تتطلب مهارات رقمية استمرت في الارتفاع.
وبمرور الوقت، أصبحت درجة من الخبرة الرقمية متوقعة حتى في الأدوار غير المرتبطة بالتقنية، من مشغلي المستودعات الذين يستخدمون أنظمة الإدارة المستندة إلى التقنيات السحابية، إلى الأطباء الذين يستشيرون المرضى عبر مواعيد الفيديو عن بُعد، والمقاولين الذين يديرون مشاريع البناء من خلال تطبيقات التعاون عبر الأجهزة المحمولة، لم تعد التكنولوجيا خاصة بقطاع محدد.
ومن جانبه يقول “داني ستايسي”، المسؤول في منصة التوظيف “إنديد” بلندن، “لقد تطورت محو الأمية الرقمية – وطلب أصحاب العمل على المهارات الرقمية – حيث أصبح الاقتصاد وسوق العمل أكثر رقمية”.
ارتفع هذا الطلب على محو الأمية الرقمية، مع اعتماد أرباب العمل لأنماط العمل الهجين أو عن بعد، إذ يقول “ستايسي”: “اليوم، من المرجح أن يحدد أرباب العمل مهارات رقمية معينة، وتسمية البرامج التي يستخدمونها، هناك متطلبات أكبر للحصول على الكفاءة في أدوات إدارة المكاتب والمشروعات، وبرامج محددة حتى يعمل الموظفون بشكل أكثر فعالية.”
الإلمام والقابلية
ومع ذلك، فإن الأهمية المتزايدة لمحو الأمية الرقمية لا تعني أن على العمال إتقان جميع البرامج المتاحة للحصول على وظيفة، لكن يجب أن يكونوا واثقين رقمياً حريصون على تجربة التقنيات الجديدة، مع الدراية بكيفية استخدام الأدوات المناسبة تبسيط المهام الروتينية وتحسين التعاون في مكان العمل، مع التمتع أيضًا بالمرونة والقدرة على التكيف لتعلم العمليات الجديدة.
يقول “تشي”: “كان العمل الهجين والعمل عن بُعد مناسبًا فقط لـ 5٪ من القوى العاملة قبل الوباء”، “إنه ما يقرب من نصف العمال الآن، بغض النظر عن العمل الذي قمت به سابقًا، يتوقع صاحب العمل الآن أن تتعلم أي مهارات رقمية مطلوبة في أي وظيفة “.