هناك العديد من القصص الملهمة فيما يتعلق بمؤسسات بدأت صغيرة، ثم تحولت إلى إمبراطوريات مالية ضخمة، ومن أبرز هذه القصص في محيطنا العربي قصة نجاح مؤسسة الراجحي المصرفية التي بدأ صاحبها فقيرًا ثم استطاع تكوين إمبراطورية مالية كبيرة.
في السطور التالي سنحاول أن نسلط الضوء على قصة الملياردير السعودي “سليمان الراجحي” الملهمة.
نشأته
نشأ الطفل سليمان الراجحي فقيرًا وكان دائم التغيب عن الدراسة بسبب شعفه بالتجارة، حيث ترك المدرسة وهو في الصف الثاني الابتدائي، وكان “الراجحي”، يعمل في أي شيء يمكنه من الكسب فأول مرة جرب فيها التجارة عندما اشترى طائرة ورقية صغيرة بآخر قرش كان يملكه وقام بتفكيكها ليعرف طريقة صنعها، ثم استعان بسعف النخل لصناعة أخرى مماثلة ليبيعها بنصف قرش.
وعندما بلغ عامه الـ 12 قرر الراجحي أن يعمل في جمع البلح لأصحاب مزارع النخيل، وبالفعل كان يعمل طوال اليوم، حيث كان يتقاضى 6 ريالات شهريًا، كما عمل بعد ذلك كناساً وحمالاً وحارساً وطباخاً، وهي المهن التي أكسبته خبرة كبيرة في التعامل مع الناس بمختلف طبقاتهم الاجتماعية.
ويقول “الراجحي” في أحد لقاءاته: “لم أكن أفطر، كنت حمّالاً لأغراض الناس، وأنتظر الثوب الوحيد حتى يجف لألبسه”.
وفي سن 15 عامًا افتتح “الراجحي”، محل صغير لبيع البقالة مثل الشاي والسكر وغيرها، وذلك من حصيلة مدخراته، إذ كان يدخر القرش على القرش وفقًا لتعبيره، واستطاع أن يكون ثروة تبلغ 1500 ريال والذي كان مبلغًا كبيرًا في ذلك الحين، ليقرر تنفيذ رغبة والده في الزواج.
بعد سنوات انضم “سليمان الراجحي”، للعمل مع شقيقه الأكبر “صالح”، في مؤسسة صرف العملات، فكان يتولى تغيير العملة للحجاج في شوارع مكة كما كان يقوم بحمل الأغراض للمسافرين من وإلى المطار قاطعًا أكثر من 10 كيلومترات سيرًا على الأقدام ليدخر أجرة الحمال والنقل.
التطور
بداية النجاح والتطور الحقيقي كانت في عام 1970 عندما نجح في تأسيس شركة خاصة به لتبادل العملات، بعد الانفصال عن شقيقه الأكبر، وفي عام 1987 أسس سليمان الراجحي مصرف الراجحي، برأسمال 15 مليار ريال، وتعددت فروعه لتصل إلى 500 فرع، كما يمتلك أكبر شبكة صرافات آلية في السعودية بعدد يزيد على 2750 صرافاً في جميع أرجاء المملكة، إلى جانب عدد كبير من الفروع المنتشرة في العالم
لم يكتفى “سليمان” الراجحي بالصرافة، بل اتجه للاستثمار في العديد من المجالات مثل، الورق والبلاستيك والمشروعات الزراعية والصناعية، ونجح في امتلاك شركتَي “الوطنية للصناعة”، و”الوطنية للنقل”، بجانب أسهم في أكبر مزرعة دواج في منطقة الخليج العربي، وهي الدواجن الوطنية.
الزهد
ومن ضمن المواقف الملهمة لهذا الرجل أنه كان يحتفظ بثوب قديم عمره أكثر من 30 عامًا، وكان يرتديه بصفة دورية ليذكر نفسه دائمًا بأنه كان فقيرًا، وكي لا يتملكه الغرور وكي لا ينسى رحلة كفاحه.
بعد 80 سنة من الكفاح والتحدي، تبرع بثروته المقدرة بـ7.4 مليارات دولار، حسب مجلة “فوربس”، ثلثاها للأعمال الخيرية وثلث لأبنائه، ليعود فقيراً مثلما بدأ، قائلاً: وصلت لمرحلة الصفر مرتين في حياتي، إلا أن وصولي هذه المرة كان بمحض إرادتي.