أحداث جارية تقنية فن

في يوم «فتيات التكنولوجيا».. هيدي لمار مزجت الفن بالاختراع

يوافق الـ 23 من أبريل من كل عام، الاحتفال باليوم العالمي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والذي يهدف إلى تشجيع الفتيات والشابات على الانخراط في صناعة التكنولوجيا، لما أصبح لها من أهمية كبرى في الحياة اليومية وبالنسبة للوظائف المستقبلية.

وفي تلك المناسبة، نلقي الضوء على أهم المحطات الرئيسية في حياة الفنانة والمخترعة النمساوية الأمريكية هيدي لامار، التي كان لها السبق في اختراع جهاز الواي فاي، ووضع الأسس العلمية للعديد من التقنيات التي تعتمد بدورها على موجات الراديو.

وعرفت هيدى لامار بجمالها الفاتن الذي أهلها لدخول مجال التمثيل، حيث وصفت بأنها صاحبة أجمل وجه عرفته السينما فى الأربعينات، لكن أضواء الشهرة لم تُنسيها شغفها بالابتكار وعشقها لدراسة الرياضيات، لتجمع بين ذوق الفن وعبقرية التكنولوجيا، وترسي أسس اختراعات بالغة الأهمية كان لها أثرا كبيرا في إثراء الحياة المعاصرة.

المولد والنشأة

ولدت «ماريا ايفا لامار» الملقبة بـ هيدي لامار في التاسع من نوفمبر عام 1914م، في العاصمة النمساوية فيينا، وما إن بلغت السابعة عشر من عمرها حتى فتن جمالها صناع السينما، ليتهافتوا عليها بغية مشاركتها في أفلامهم، حيث شاركت في تلك الفترة في الفيلم الألماني Geld Auf Der Strase، حتى أصبحت نجمة شهيرة خلال وقت قصير، لتنتقل بعدها إلى استديوهات هوليوود في الولايات المتحدة، حيث حصلت على الجنسية الأمريكية، وأصبحت نجمة  هوليوود الأولى التي تصدرت أغلفة المجلات والإصدارات الفنية، بالإضافة إلى تصنيفها ضمن أجمل خمسين امرأة في العالم، وفقا لمجلة التايم.

وإلى جانب الفن والشهرة، لم تتخلى هيدي، عن عشقها لعلم الرياضيات وأسس العلوم التقنية، فعملت بالتوازي مع عملها في الفن، الانغماس في حقل البحوث العلمية والاختراعات، حيث كانت تعكف على شغفها هذا طوال الليل في معملها الصغير القائم في منزلها بأحد أحياء هوليود حينذاك. وتعاونت أثناء تواجدها بهوليوود، مع عازف البيانو الشهير «جورج أنتيل»، في تصميم نظام اتصالات لاسلكية صعب الاختراق أو التنصت عليه.

اختراعات هامة

وتمكنت هيدي، من ابتكار العديد من الاختراعات، ومنها نظام توجيه لاسلكي يتسم بتقنية عمله بالغة السرية ، باستخدام تكنولوجيا القفز الترددي، والذي استخدمه سلاح البحرية في قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، من أجل مساعدتها على تعقب الغواصات الألمانية في شمال المحيط الأطلسي، بيد أن هدف هيدي الأساسي لهذا الاختراع، كان تأمين عبور والدتها عبر المحيط من لندن إلى الولايات المتحدة.

ويعد اختراع هيدي، لنظام القفز الترددي للاتصالات، هو الأساس الذي جري عليه تطوير تقنيات: الواي فاي، والبلوتوث، و نظام تحديد المواقع العالمي في الهواتف الذكية التي نستخدمها في الوقت الراهن، إذ ظلت هذه التقنية لسنوات سلاحاً سريا بيد الجيش الأمريكي.

وفي سياق متصل، شاركت هيدي فريق ضمن بحثي عمل على اختراع موجات الراديو ذات الطيف الترددى، أو ما يعرف بـ«تردد موجات الراديو»، كما يعود لها الفضل في اختراع الهاتف المحمول، والذى سجلت براءة اختراعه فى الولايات المتحدة، كما سجلت براءة اختراع تحريك الطوربيد باللاسلكى.

وعلى الرغم من قيمة ما قدمته هيدي من اختراعات أثرت الحياة البشرية، إلا أنها لم تهتم بأن تجني من ورائها الأموال، بل كانت رغبتها الأولي هي ممارسة شغفها التكنولوجي وتقديم الاختراعات، فلم تقل قوة عقلها عن جمال وجهها إلى أن توفيت في ولاية فلوريدا الأمريكية يوم 19 يناير عام 2000م.

وكتب الأديب المصري الراحل أنيس منصور، عن هيدي لامار، قائلاً: «هيدي لامار ممثلة نمساوية، لديها طموحات غريبة.. أن تكون فاتنة الدنيا، فكانت، وأن تكون مخترعة، فكانت، وبعض العلماء يرون أنها المخترع الحقيقي للتليفون المحمول، وأنها سجلت ذلك في أمريكا، وأنها سجلت اختراعا آخر هو تحريك الطوربيد باللاسلكي.. ولكن أحدا لم يأبه لهذا الاختراع الذي سجلته، ليكتشفوا بعد سنوات أنها كانت سابقة لزمانها».

تشجيع على التكنولوجيا

في الوقت الذي بلغت خلاله هيدي قمة المجد العلمي، لا يزال نصف سكان العالم تقريباً غير موصولين بالإنترنت، ومعظمهم من الفتيات والنساء من سكان البلدان النامية، حتى جاءت مبادرة اليوم الدولي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدعم من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي للاتصالات في 23 أبريل عام 2020م، لتدعم إتاحة هذه التقنيات للجميع كدعامة أساسية في بناء مجتمعات أقوى واقتصادات أكثر ازدهاراً، من أجل معالجة العديد من التحديات الأكثر إلحاحا في العالم.

ويهدف “اليوم الدولي للفتيات” -وفقاً للأمم المتحدة-، إلى إلهام حركة عالمية لزيادة تمثيل الفتيات والنساء في مجال التكنولوجيا، فضلاً عن المساواة بين الشابات والفتيات والشبان والفتيان في الحصول على الفرص في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

كما يهدف إلى تهيئة بيئة عالمية من أجل تمكين وتشجيع الفتيات والشابات على الانخراط في صناعة التكنولوجيا، في الوقت الذي باتت خلاله المكون الأساسي في مختلف الوظائف المعاصرة، ومن المتوقع أن تتطلب 90% من وظائف المستقبل لمهارات تكنولوجية، والتي ترتبط بالمجالات المعروفة باسم “STEM” وهي “التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات”، بحسب تعريف الأمم المتحدة.

وكشف تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي عن أن نسبة مشاركة المرأة في وظائف الذكاء الاصطناعي لا تتخطى 22%، ما دفع بلدان عديدة للاهتمام بتشجيع الفتيات على دخول المجالات التكنولوجية، بينها الولايات المتحدة التي مبادرة “تيك غيرلز” أو “فتيات التكنولوجيا” لتمكينهن من أن يصبحن رائدات في مضمار العلوم التكنولوجية، حيث شاركت في هذه المبادرة 28 فتاة من دول عربية، حصلن على التدريبات وسمح لهن بمعايشة يوم عمل حقيقي مع كبرى شركات التكنولوجيا.

تكلفة تأمين رؤساء عمالقة التكنولوجيا

لوحة المفاتيح.. قصة الاختراع الذي أدار الحياة بـ«ضغطة زر»

أقوى تطبيقات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط