جلس إيمانويل (19 عامًا) مرتديًا زيًا مدرسيًا، قميص أزرق سماوي وسروال قصير داكن، وسط فصل دراسي وزملاؤه أقل منه في العمر بنحو 6 أعوام.. يبدو هذا متناقضًا، لكن لا يهم، فالشاب الذي توقف تعليمه عند المرحلة الابتدائية في الماضي سعيد الآن مع بدايته الجديدة.
قبل أشهر من الآن
كان هذا الشاب الليبيري يعمل سائقًا لدراجة نارية وينقل الركاب بالأجرة.. يكافح لتأمين قوت يومه، ظل حاله هكذا حتى وجد كيسًا بلاستيكيًا على جانب الطريق فيه أوراق نقدية ليبيرية وأمريكية قدرها 50 ألف دولار.
هذا المبلغ الكبير كان كفيلًا بتغيير حياة الشاب الصغير، لكنه لم يأخذه وأعطاه لعمته لتحتفظ به.. ظل صاحب النقود يبحث عنها ولم يجدها، حتى أعلن في الإذاعة المحلية مناشدًا من يجد النقود أن يعيدها إليه.
سمع الشاب النداء وأعاد إلى الرجل نقوده كاملة.. قابل البعض تصرفه بسخرية قائلين إنه سيموت فقيرًا، لكن أمانته أكسبته مكافآت سخية وغيرت وضعه تمامًا.
بعدما سمع رئيس البلاد، جورج ويا، بما فعله الشاب سلمه 10 آلاف دولار، كما قدم له صاحب وسائل إعلام محلية نقودًا جُمع بعضها من المشاهدين والمستمعين، أما صاحب المال عثر على ما فقده تبرع للشاب ببضائع قيمتها 1500 دولار.
والأهم من ذلك قدمت إحدى الكليات في الولايات المتحدة منحة دراسية كاملة له بمجرد إكمال تعليمه الثانوي.
استعادة الحلم
مثل العديد من الأطفال الليبيريين القادمين من خلفية ريفية فقيرة، ترك إيمانويل المدرسة في سن التاسعة لكسب بعض المال ومساعدة أسرته.
عندما انضم إيمانويل لأول مرة إلى الصف السادس كان يشعر بأنه أدنى قليلاً.. لم يكن بإمكانه التعبير عن نفسه في الفصل، لكن “عملنا على معالجة ذلك يومًا بعد يوم” وفق قول مدرس الفصل.
انضم إيمانويل إلى برنامج تطوير لاستعادة قدراته على التحصيل الدراسي.. ورغم ذلك فإنه لا يتضرر من فارق السن بينه وبين زملائه، ويستمتع أيضًا بالعيش في المدرسة الداخلية.
يريد إيمانويل أن يدرس المحاسبة في الجامعة ليعد نفسه للمساعدة في توجيه استخدام أموال البلاد، مثلما يريد أن يصبح في المستقبل.. ينظر الناس إلى حكمته وأمانته كمثال يحتذى به في بلد تنتشر فيه مزاعم الفساد، وحيث غالبًا ما يُتهم المسؤولون بسرقة موارد الدولة.
دائرة بوتين.. من يسانده في اتخاذ القرارات؟