قبل أن تبدأ روسيا غزوها لأوكرانيا، ومع تصاعد التوترات وزحف القوات الروسية على خطوط التماس بين البلدين، بدأت أوروبا في التفكير للبحث عن بديل للغاز الطبيعي الذي تحصل عليه من روسيا، والذي يوصف بـ”سلاح روسيا الاستراتيجي”.
وتمتلك روسيا إمكانات هائلة لإنتاج الغاز، تتجاوز 300 مليار متر مكعب سنوياً، كما أنها تلبي 40% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، من مجموع استهلاك سنوي يبلغ نحو 550 مليار متر مكعب.
الغاز الجزائري في مرمى أنظار أوروبا
وفي حين أن الدول الغربية فرضت عقوبات قاسية على روسيا، تحولت أنظار القارة العجوز نحو الجزائر بصفتها بديلاً يمكن الاعتماد عليه لتعويض الغاز الروسي.
وأثار غزو روسيا لأوكرانيا، ووقف ألمانيا العمل في خط أنابيب “نورد ستريم 2” الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا ومنها إلى أوروبا، قلقاً كبيراً في أوروبا من مواجهة نقص في إمدادات الغاز.
فيما ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، ما دفع الدول الأوروبية إلى طمأنة مواطنيها بأنها ستقدم دعماً لهم في محاولة لتخفيف الضغط عن كاهل الأسر منخفضة الدخل.
وقالت صحيفة “لافنغارديا” الإسبانية، إن حلف “الناتو” يحاول حالياً إحياء مشروع Midcat غير المُنجَز، وهو ممر الغاز المتوسطي، الذي يهدف لتوصيل الغاز الجزائري من إسبانيا إلى ألمانيا عبر فرنسا.
وتعد شركة سوناطراك الجزائرية، ثاني أكبر مصدر للغاز إلى أوروبا بعد شركة غازبروم الروسية، وقد أكدت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة تواصلت أخيراً مع عدد من شركات الطاقة لمعرفة إمكانية الحصول على المزيد من الغاز الجزائري لأوروبا.
في السياق نفسه، زار وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، الجزائر يوم الإثنين، لإجراء محادثات حول زيادة إمدادات الغاز من الدولة الواقعة شمال أفريقيا، للتعويض عن النقص المحتمل في الإمدادات الروسية بسبب غزو أوكرانيا.
وجاء ذلك بعد تأكيد رئيس سوناطراك التنفيذي توفيق هكار، أمس، أن شركة الطاقة الجزائرية مستعدة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز، من الفائض المتوفر لديها عبر خط أنابيب “ترانزميد” الذي يربط الجزائر بإيطاليا.
وفيما دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى أن تتحرك بلاده بسرعة من أجل تنويع مصادرها من الطاقة لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، ذكر أن إيطاليا تستورد 95% من الغاز الذي تستهلكه، منه 45% من روسيا، مضيفاً بأنه يمكن زيادة الإمدادات من الجزائر ومن أذربيجان وتونس وليبيا أيضاً.
وذكر توفيق هكار أن سوناطراك “مزود يُعتمد عليه للغاز إلى السوق الأوروبية، وهي مستعدة لدعم شركائها على المدى الطويل في حالة الأوضاع الصعبة”، لافتاً إلى أن ذلك “سيتوقف على توفر فائض من الغاز أو الغاز الطبيعي المسال بعد تلبية الطلب المحلي والالتزامات التعاقدية”، حسبما نقلت صحيفة “ليبرتي” اليومية الجزائرية الناطقة بالفرنسية.
وأشار إلى أن هناك قدرات غير مستغلة في خط أنابيب “ترانزميد” يمكن استخدامها “لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوروبية”، علماً بأن الطاقة الاستيعابية لخط أنابيب “ترانزميد”، الذي تديره الشركة بشكل مشترك مع شركة “إي إن آي” الإيطالية، تبلغ نحو 32 مليار متر مكعب في السنة، أي 4 أضعاف الطاقة الاستيعابية لخط أنابيب “ميدغاز” الذي يصل إلى إسبانيا.
[two-column]
أكد رئيس سوناطراك التنفيذي توفيق هكار أن شركة الطاقة الجزائرية مستعدة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز، من الفائض المتوفر لديها عبر خط أنابيب “ترانزميد” الذي يربط الجزائر بإيطاليا
[/two-column]
فرق هائل بين إنتاج روسيا والجزائر
ورأى هكار أن أوروبا هي “السوق الطبيعي المفضل” للغاز الجزائري، الذي يستحوذ على حوالي 11% من واردات الغاز الأوروبية، فيما قال وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد العطار، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن “الجزائر تصدر 22 مليار متر مكعب من الغاز كحد أقصى عبر خط أنابيب ترانزميد، وهو ما يترك قدرة استيعاب لعشرة مليارات متر مكعب أخرى”.
وجاء تصريح العطار واحداً من التصريحات التي تشكك بقدرة الجزائر على تعويض إمدادات الغاز الروسي لأوروبا، نظراً إلى الفرق الهائل في إنتاج الدولتين.
وقال العطار، الذي عمل في السابق أيضاً رئيساً تنفيذياً لسوناطراك، إن الجزائر لا يمكنها تعويض التراجع في واردات الغاز الروسية منفردةً، لافتاً إلى أن في إمكانها تقديم مليارين أو ثلاثة مليارات متر مكعب إضافية كحد أقصى.
وأشار إلى أن الجزائر يمكنها أن ترسل كميات أكبر من الغاز على المدى المتوسط، أي “في غضون أربعة أو خمسة أشهر”، لكنه قال إنه سيتعين على البلاد أولاً أن “تطور احتياطيات جديدة” من الغاز الصخري.
ما الدول الأوروبية الأكثر اعتماداً على الغاز الروسي؟