بعد شهور من كشف فريق من علماء الآثار البولنديين عن أول حالة معروفة لمومياء مصرية حامل محنطة، ظهرت أسرار جديدة عن المومياء التي احتفظت بجنينها لنحو 20 قرناً.
كان فريق من العلماء بـ”جامعة وارسو” في بولندا، قد اكتشف أول مومياء حامل معروفة في العالم، في أبريل 2021، والتي تمكَّن القدماء المصريون من تحنيطها مع إبقاء الجنين بداخلها قبل أكثر من ألفي عام.
وتوصل العلماء إلى الإجابة على عدد من الأسئلة، منها: كيف تمكن الجنين المحفوظ بداخلها من البقاء لأكثر من ألفي عام؟ ومن هي صاحبة المومياء؟ وكيف ماتت؟
كشف لغز مومياء احتفظت بجنينها 20 قرناً
عُرفت المومياء باسم “السيدة الغامضة”، إذ مثّلت لغزاً محيّراً للعلماء، فلم يسبق لأحد أن رأى جنينًا في جثة محنطة، قبل أن يحلل “مشروع مومياء وارسو” الرفات، حسب ما أشار موقع Science Alert العلمي.
وكشف الفحص الدقيق باستخدام التصوير المقطعي، أن المرأة كانت بين سن 20 و 30 عندما توفيت، وكانت في الأسبوع 26 إلى 30 من الحمل، فيما استطاع العلماء إلقاء نظرة متفحصة على الجنين لمعرفة كيف بقي حتى عصرنا الحالي.
وحسب الدراسة الجديدة التي أجراها فريق مشروع مومياء وارسو، فإن حفظ المومياء تم عن طريق تحميض جسد المرأة أثناء تحللها، كما أنه تم “تخليل” الجثة في بيئة حمضية في عملية مشابهة لكيفية الحفاظ على الأجسام القديمة في المستنقعات.
تغطية بالصودا الطبيعية
من جانبها، قالت عالمة الآثار والمديرة المشاركة لمشروع مومياء وارسو، مارزينا أواريك زيلكي: “أثناء عملية التحنيط، تم تغطية المتوفاة بالصودا الطبيعية، التي كانت تهدف إلى تجفيف الجسم، ومع ذلك، بقي الجنين في الرحم وبدأ يتخلل في البيئة الحمضية”.
أما فويتشن إيسمون، وهو ضمن العلماء المشاركين بمشروع مومياء وارسو، وقائد الدراسة، فقد ذكر أن الجنين بقي في الرحم ولم يمسه أحد وبدأ يتخلل”.
وأوضح العالِمان إيسمون وزيلكي، أن درجة حموضة الدم في الجثث تنخفض، بما في ذلك محتوى الرحم، وذلك بشكل ملحوظ، وتصبح أكثر حمضية، وتزداد تركيزات الأمونيا وحمض الفورميك بمرور الوقت. ووضْع الجسم وتعبئته بالنطرون يحد بشكل كبير من وصول الهواء والأكسجين للجثة. والنتيجة النهائية هي رحم مُحكم الإغلاق يحتوي على الجنين، وفقًا لوصفهم.
وحسب العلماء، فإن الأمر لا يختلف عن عملية التحنيط الطبيعية التي تحدث في مستنقعات الخث، حيث تقوم البيئة شديدة الحموضة “بتخليل” الأنسجة الرخوة، ولكنها تزيل المعادن من العظام.
[two-column]
كشف الفحص الدقيق باستخدام التصوير المقطعي، أن المرأة كانت بين سن 20 و 30 سنة عندما توفيت، وكانت في الأسبوع 26 إلى 30 من الحمل، فيما استطاع العلماء إلقاء نظرة متفحصة على الجنين لمعرفة كيف بقي حتى عصرنا الحالي
[/two-column]
أضاف العلماء أنه يمكن مقارنة عملية نزع المعادن في العظام في بيئة حمضية بتجربة البيضة، بحيث نتخيل وضع بيضة في إناء مليء بحمض. ستذوب قشرة البيض، ولن يتبقى سوى الجزء الداخلي من البيضة (الزلال والصفار) والمعادن من قشر البيض المذاب في الحمض.
ويرجع سبب اختلاف جسد السيدة الغامضة وجسد الجنين، إلى أنهما حُنِّطا بشكل مختلف؛ حيث وقع تحنيط السيدة باستخدام النطرون، وهو مزيج من ملح طبيعي استخدمه المصريون القدماء لتجفيف الجثث وتطهيرها. كما أن الجنين في رحمها محنط في البيئة الحمضية الناتجة عن التفاعل الكيميائي الذي حدث.
وقد يساعد هذا الاكتشاف علماء الآثار في الكشف عن سبب ترك الجنين سليماً عندما تمت إزالة الأعضاء الداخلية الأخرى لـ”السيدة الغامضة” من أجل عملية التحنيط.
تشكيل رقمي| عملية إعادة بناء مذهلة لوجوه 3 مومياوات مصرية