إذا كنت ممن ملّوا أجواء الأرض الصاخبة أو ارتفاع حرارتها وازدحام شوارعها!، فربما عليك السفر في رحلةٍ لمسافة 385 ألف كيلومتراً، حيث سطح القمر أقرب نقطة للأرض تمتاز بالهدوء التام والأجواء المختلفة كلياً عن الحياة الأرضية، على مساحة تفوق أكثر من 22 مليون كيلومتر مربع.
وعلى الرغم من أن القمر ما زال غير مأهول حتى الآن، إلا أنه لطالما شغل اهتمام العلماء من أجل محاولة إنشاء محطات مأهولة فوق سطحه، إذ لم يعد التحدي الأكبر هو عدم وجود الماء والهواء على سطحه بل القدرات التي يمكن من خلالها توفير الحياة على القمر، فضلاً عن مخاوف تحوله إلى نقطة تلوث فضائي تؤدي إلى زيادة الحرارة على سطح الأرض.
موقع “space”، رصد أبرز التحديات التي تواجه الحياة على سطح القمر موضحاً أن انعدام الماء والأكسجين ربما يكون أقل الهواجس بالنسبة للحياة عليه، في الوقت الذي تتطلب خلاله الرحلة الواحدة إليه كميات هائلة من الوقود، مما قد يزيد من مشاكل المناخ على كوكب الأرض.
وأشار الموقع إلى أن ندرة وصول رواد الفضاء إلى القمر، كان أحد الأسباب التي تعيق استيطانه، حيث لم يصلوا إليه سوى 6 مرات حتى الآن.
وكانت عمليات الهبوط على القمر، قد تمت بنجاح في فترة 3 سنوات بين عامي 1969 و1972، ضمن سلسلة من البعثات الفضائية سميت بـ”بعثات أبولو” التي اعتمدت حينذاك، على صاروخ قوي عرف بـ” Saturn V” الذي لم يعد يُنتج حالياً بما صعّب من مهمة إيجاد وسيلة النقل القادرة على حمل المسافرين إلى القمر.
لذا تعكف حالياً شركة استكشاف الفضاء SpaceX، على صنع صواريخ أحدث وأكبر قادرة على حمل وزن رواد الفضاء إلى القمر، فيما تخطط ناسا أيضاً لمهام جديدة لنقل رواد الفضاء إلى القمر، فضلاً عن التخطيط لتصنيع القطع اللازمة لبناء محطة فضائية على أن يتم تجميعها على القمر على غرار بناء المحطات الفضائية.
وليست المحطة القمرية وحدها التحدي الأكبر للحياة على القمر، إذ يلزم كذلك توفير الكهرباء لمعدات الطاقة، وطرق الزراعة اللازمة لإنتاج الغذاء والهواء، والتي ربما تكمن في تقنية زراعة النباتات باستخدام الماء وليس التربة.
أما الحصول على الطاقة فيشكل المعضلة الأكثر تعقيداً أمام الحياة على سطح القمر، فعلى الرغم من اللجوء لاستخدام الطاقة الشمسية إلا أنها لن تكون سهلة المنال في الوقت الذي يدور خلاله القمر كل 28 يوماً، ما يعني 14 يوماً تشرق فيها الشمس، بينما تغيب 14 يوماً آخرين.
ولحل هذه المعضلة، يفكر العلماء في بناء محطة فضائية في القطب الشمالي أو الجنوبي للقمر، ورفع ألواح توليد الطاقة الشمسية فوق السطح، وبالتالي ستحصل الألواح على ضوء الشمس المستمر لأنها يمكن أن تدور ولا يحجبها الكوكب على الإطلاق، على الرغم من أن هذه التقنيات بالغة الصعوبة.