تتزين المدن بالأزهار، وتفترش العائلات المساحات الخضراء، مستمتعةً بدفء الشمس ونسمات الربيع المعتدلة، بينما تتجدد الطقوس القديمة في قوالب حديثة تعكس ارتباط الشعوب العربية بفصل الربيع.
في المملكة، تتصدر المدن المشهد باحتفالاتٍ زاهية تجسد الجمال الطبيعي، في مهرجان الربيع الذي بات موعدًا سنويًا يترقبه المواطنون والسياح، منذ انطلاقه للمرة الأولى في عام 2004.
كيف تحتفل المملكة بفصل الربيع؟
تستعد المملكة بفعاليات موسعة للاحتفاء بالربيع، حيث تبدع الأمانات المحلية في الاعتناء بالحدائق والمتنزهات العامة، مثل متنزه الملك عبد الله في الرياض، الذي يشهد تنظيم مهرجان الربيع، الذي يدخل هذا السنة عامه الـ21، متيحًا للعائلات فرصة الاستمتاع بعطلة رسمية أُدرجت ضمن التقويم الدراسي لتعزيز السياحة الداخلية.
ويضم المهرجان أكثر من 11 حديقة متنوعة ومسطحات خضراء ومائية، إلى جانب معارض تعرض مستلزمات تنسيق الحدائق، حيث تستفيد المواطنون والمستثمرون على السواء من عرض الزهور وإكسسوارات الفلل والقصور في هذا الحدث السنوي.
كيف تحتفل باقي الدول العربية بالربيع؟
لا تقتصر الاحتفالات على السعودية، فالدول العربية تمتلك طقوسًا متنوعة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ.
في مصر، يحتفل المواطنون بـ«شم النسيم»، الذي يعود لأكثر من خمسة آلاف عام، حيث يخرجون إلى المتنزهات ويتناولون الفسيخ والرنجة والبيض الملون، مستمدين تقاليدهم من الفراعنة الذين عدوا هذا اليوم رمزًا للخصب والتجدد.
أما في الجزائر، فتختلف الأسماء بين «مغرس» و«ثافسوث»، لكن الفرح واحد، إذ تتجه العائلات إلى الجبال والغابات للاحتفال، مصطحبين سلال «الطلاعة» المليئة بالحلويات والفواكه، مع إعداد «المبرجة»، وهي حلوى تقليدية مصنوعة من التمر.
وفي العراق، يحتفل الأكراد والعراقيون بعيد النوروز، الذي يمثل بداية العام الجديد وفق التقويم الفلكي، ويتميز بالرقصات التقليدية والنيران التي توقد فوق القلاع والمرتفعات منذ عام 1933.
أما سوريا، فتعود جذور احتفالاتها إلى أسطورة «عشتار ومحبوبها دوموزين»، حيث ترمز عودة تموز من العالم السفلي إلى بعث الحياة والخصوبة من جديد.
ما أبرز الأطعمة التقليدية لاحتفالات الربيع؟
تتنوع الأطباق العربية الخاصة بهذه المناسبة، فبينما يهيمن الفسيخ والرنجة على الموائد المصرية، يشتهر المغاربة بـ«الطاجين المغربي» المطهو على الفحم في الغابات، إلى جانب «فطائر الملوي» و«وجبات الكاسكرود». وفي الجزائر، يُفضل البعض شواء اللحوم والأسماك في الهواء الطلق.
أما في تونس، فتمتزج الاحتفالات بالطبيعة، حيث تقام الرحلات إلى الضيعات والجبال، وسط تجمعات عائلية بسيطة تشمل إعداد الأكلات التقليدية في الهواء الطلق.
هل تستمر هذه الطقوس في العصر الحديث؟
رغم التطورات العصرية، فإن هذه الاحتفالات لا تزال راسخة في وجدان الشعوب العربية، إذ يتمسك الأهالي بالموروثات الثقافية عبر الأجيال.
وعلى الرغم من اختلاف الأسماء والطقوس، يبقى استقبال الربيع حدثًا يوحد الشعوب العربية في بهجته، مجسدًا قيم التجدد والخصوبة والطبيعة الخلابة.