حقق الذكاء الاصطناعي قفزة هائلة في مجال التفاعل بين الدماغ والكمبيوتر، حيث تمكن علماء من شركة ميتا (Meta) من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي قادر على ترجمة الأفكار إلى جمل مكتوبة باستخدام المسح الدماغي غير الجراحي.
تشير نتائج دراستين حديثتين إلى إمكانية تطوير أجهزة غير جراحية تساعد الأشخاص الذين يعانون من إصابات دماغية أو فقدان القدرة على التواصل، ما يفتح آفاقًا جديدة في الطب العصبي والذكاء الاصطناعي.
كيف يعمل نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد؟
اعتمد الباحثون على تقنية التخطيط المغناطيسي للدماغ (MEG)، والتي تقيس الحقول المغناطيسية الناتجة عن الإشارات الكهربائية في الدماغ، لتتبع النشاط العصبي أثناء طباعة المشاركين للجمل. بعد ذلك، تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على تحليل الإشارات الدماغية وإعادة إنتاج الجمل التي كتبها المشاركون.
في التجربة، استطاع النموذج فك تشفير الأحرف بدقة بلغت 68%، حيث كانت الأحرف الشائعة تُحدد بدقة أعلى، في حين أن الأحرف الأقل استخدامًا، مثل Z و K، واجهت معدل خطأ أعلى. عندما ارتكب النموذج أخطاءً، كانت هذه الأخطاء تميل إلى استبدال الأحرف القريبة على لوحة مفاتيح QWERTY، مما يشير إلى أن النموذج يعتمد على الإشارات الحركية من الدماغ للتنبؤ بالأحرف المكتوبة.
تحليل إنتاج اللغة في الدماغ عبر الذكاء الاصطناعي
في الدراسة الثانية، جمع الباحثون 1000 لقطة MEG في الثانية أثناء كتابة المشاركين لجمل مختلفة، مما سمح لهم بتحليل كيفية إنتاج الدماغ للغة أثناء الطباعة.
أظهرت النتائج أن الدماغ يتبع تسلسلًا هرميًا في إنتاج اللغة:
المرحلة الأولى: يقوم الدماغ أولًا بتوليد معلومات حول سياق ومعنى الجملة.
المرحلة الثانية: ينتقل إلى تمثيلات أكثر دقة لكل كلمة، ثم لكل مقطع صوتي، وأخيرًا لكل حرف أثناء الكتابة.
آفاق استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أجهزة تواصل غير جراحية
تشير هذه الدراسات إلى إمكانية تصميم أجهزة غير جراحية قد تساعد الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام في استعادة القدرة على التواصل. على الرغم من أن الأنظمة الحالية لا تزال ضخمة وحساسة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها خارج المختبر، إلا أن التقدم في تقنية MEG قد يفتح الباب أمام تطوير أجهزة قابلة للارتداء في المستقبل.
تحديات البحث وفرص المستقبل
دقة فك التشفير: رغم أن النموذج تمكن من تحقيق دقة 68%، إلا أن تحسين التعرف على الأحرف النادرة لا يزال تحديًا كبيرًا.
تصغير الأجهزة: تحتاج تقنية MEG الحالية إلى تطوير إصدارات أصغر وأكثر عملية لتكون قابلة للاستخدام في الحياة اليومية.
تعزيز كفاءة الذكاء الاصطناعي: يمكن للباحثين استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين الدقة وتوفير تجربة أكثر سلاسة للمستخدمين.
حلول مبتكرة لفاقدي القدرة على التحدث أو التواصل
تمثل هذه الأبحاث اختراقًا علميًا مهمًا في مجال واجهات الدماغ-الكمبيوتر، حيث يمكن لهذه التقنية أن توفر حلولًا مبتكرة للأشخاص الذين فقدوا القدرة على التحدث أو التواصل بسبب إصابات دماغية. وعلى الرغم من أن هذه الأبحاث لم تُراجع بعد من قبل الأقران، إلا أنها تضع الأساس لتطوير أجهزة ذكاء اصطناعي غير جراحية قادرة على ترجمة الأفكار إلى نصوص مكتوبة بدقة عالية.