تصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث شهدت المنطقة موجة من العمليات العسكرية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل العديد من الفلسطينيين وتدمير واسع للمنازل والبنية التحتية.
وفي ظل هذا التصعيد، ازداد الوضع الإنساني تدهورًا، مما يهدد بزيادة المعاناة في المنطقة ويضع وقف إطلاق النار في غزة على المحك.
وبدأ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يوم 19 يناير الماضي، ومنذ ذلك الوقت تصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية بشكل ملحوظ، مع قيام قوات الاحتلال بتنفيذ عملية عسكرية في 21 يناير تحت اسم «الجدار الحديدي»، أسفرت عن مقتل أكثر من 50 فلسطينيًا، من بينهم طفلة تبلغ من العمر عامين، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان في مدن جنين وطولكرم، التي تضررت بشكل كبير من الضربات الجوية والعمليات البرية، كما دمرت العملية نحو 150 إلى 180 منزلًا، مما ترك العديد من العائلات دون مأوى.
ورغم الهدوء النسبي في غزة عقب وقف إطلاق النار، نقلت الأنظار إلى الضفة الغربية، حيث بدأ الاحتلال الإسرائيلي في تعزيز وجوده العسكري بشكل مكثف، ما يشير إلى تحول استراتيجي في أهدافه العسكرية بعد فترة طويلة من العمليات في غزة.
وقالت منظمة الأونروا إن 68% من نقاط تقديم الخدمات الصحية في الضفة الغربية لم تعد قادرة على العمل بشكل كامل، إذ تعمل المستشفيات بنسبة 70% من طاقتها فقط. كما أضافت المنظمة أن الوضع في جنين وطولكرم أصبح أكثر سوءًا، مع نقص حاد في المواد الأساسية مثل الغذاء والماء نتيجة الحصار والهجمات المتكررة.
وأكدت الأونروا أن العمليات العسكرية في الضفة الغربية تزداد مع استمرار فرض القيود على حركة السكان، مما يعيق تنقلاتهم اليومية للذهاب للعمل أو العلاج أو زيارة الأهل. وأشارت إلى أن 13 مدرسة في شمال الضفة الغربية بقيت مغلقة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما أثر على آلاف الطلاب الذين كانوا يستعدون لبدء الفصل الدراسي الجديد.
فيما يتعلق بالتحركات العسكرية، ذكر بيان الأونروا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد شن سلسلة من التفجيرات الموجهة في مخيم جنين للاجئين، مما أسفر عن تدمير أجزاء كبيرة من المخيم في لحظات، دون أي تحذير مسبق، وهو ما أدى إلى تهديد حياة المدنيين. هذه العمليات تضاف إلى سلسلة من الهجمات المستمرة، مما يجعل الوضع في المخيمات الفلسطينية أكثر تعقيدًا وصعوبة.
إلى جانب ذلك، تؤكد تقارير الأونروا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية قد تسببت في تهجير الآلاف من سكان المخيمات الفلسطينية، مما يهدد استقرار الوضع الإنساني في المنطقة.
ما الذي يعنيه التصعيد العسكري في الضفة الغربية بالنسبة لوقف إطلاق النار في غزة؟
يعد التصعيد في الضفة الغربية تهديدًا مباشرًا لوقف إطلاق النار الهش في غزة، حيث يثير مخاوف من اندلاع مواجهات جديدة قد تؤدي إلى تصعيد شامل في المنطقة.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن عمليات الاحتلال تؤثر بشكل كبير على المدنيين الفلسطينيين، خاصة في جنين وطولكرم، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في الضفة الغربية.
كيف ستؤثر هذه العمليات على الاستقرار الإقليمي؟
يشير الخبراء إلى أن هذه العمليات العسكرية تؤدي إلى تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية، وقد تكون بداية لتغيرات كبيرة في المنطقة. ففي الوقت الذي تسعى فيه قوات الاحتلال للقضاء على خلايا المقاومة الفلسطينية في الضفة، يزداد الضغط على الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق تحت الحصار، مما يزيد من احتمالات توتر الأوضاع في غزة أيضًا.
ما سبل وقف التصعيد في الضفة الغربية؟
يتطلب وقف التصعيد في الضفة الغربية تدخلًا دوليًا حاسمًا للضغط على الأطراف المعنية لتهدئة الأوضاع، بينما يجب أن تشمل الحلول ضمانات أمنية من جميع الأطراف وتحقيق حوار بناء من أجل تهدئة الأوضاع على الأرض، فضلًا عن تعزيز جهود الإغاثة الإنسانية للمساعدة في تخفيف معاناة المدنيين.
وبناء على هذه المعطيات، يبدو أن التصعيد في الضفة الغربية يمثل تحديًا كبيرًا للجهود الدولية الرامية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة، حيث إن العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين وطولكرم خطوة في سياق استراتيجية أوسع للحد من النشاطات المقاومة في الضفة الغربية، وقد تؤدي إلى مزيد من التوترات التي تؤثر سلبًا على السلام الإقليمي.