مع دخول عام 2025، يزداد التركيز على تنظيم الذكاء الاصطناعي كقضية محورية تؤثر على الابتكار، والأمن، وحتى التوازنات الجيوسياسية.
ومع تطور هذه التقنية بوتيرة متسارعة، تظهر الحاجة إلى إطار تنظيمي يحقق التوازن بين دعم الابتكار وحماية المجتمعات من المخاطر المحتملة، غير أن الطريق نحو تنظيم أكثر وضوحًا ما يزال مليئًا بالتساؤلات حول شكل هذا الإطار ومدى قدرته على التكيف مع التحديات العالمية.
كيف ستؤثر السياسة الأمريكية على الذكاء الاصطناعي؟
بتنصيب «دونالد ترامب» رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية، تتجه الأنظار نحو السياسات الجديدة التي قد ترسم مستقبل الذكاء الاصطناعي. أحد أبرز اللاعبين في هذا المشهد هو «إيلون ماسك»، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الذي عُيّن للمشاركة في قيادة «وزارة كفاءة الحكومة» إلى جانب «فيفيك راماسوامي».
ويرى مراقبون أن ماسك، بخبرته العميقة في مجال الذكاء الاصطناعي، قد يساهم في وضع ضوابط تمنع الأضرار المحتملة لهذه التقنية، ويشير «مات كالكينز»، الرئيس التنفيذي لشركة «Appian»، إلى أن وجود ماسك في الإدارة يمنح الولايات المتحدة فرصة فريدة لفهم هذه التكنولوجيا وإدارتها بشكل أكثر فعالية.
لكن رغم هذه الإمكانيات، تظل البيئة التنظيمية في الولايات المتحدة مجزأة، حيث تعتمد على قوانين متباينة بين الولايات، وهي تباينات تطرح تحديات أمام تحقيق نهج موحد، ما يثير التساؤلات حول قدرة الإدارة الجديدة على تجاوز هذا الواقع.
هل تصبح أوروبا معيارًا عالميًا لتنظيم الذكاء الاصطناعي؟
في المقابل، تقود أوروبا الجهود العالمية لتنظيم الذكاء الاصطناعي من خلال قانونها الطموح، المعروف بـ«قانون الذكاء الاصطناعي». هذا القانون، الذي دخل حيز التنفيذ جزئيًا، يهدف إلى وضع معايير صارمة لاستخدام التطبيقات عالية المخاطر، لكنه يواجه اعتراضات من شركات التكنولوجيا الأمريكية.
يتضمن القانون أيضًا قواعد لتنظيم النماذج مفتوحة المصدر، مع فرض تقييمات مخاطر صارمة لبعض الأنظمة، وقد تحدث هذه السياسات تغييرًا جذريًا في طريقة تطوير الذكاء الاصطناعي، لكنها في الوقت نفسه قد تُثني بعض الشركات عن الاستثمار في السوق الأوروبية.
ورغم هذه التحديات، يظل الاتحاد الأوروبي متمسكًا بموقفه، حيث يعتبر أن بناء إطار تنظيمي قوي هو خطوة أساسية لتحقيق التوازن بين الابتكار والحماية.
هل تتبنى بريطانيا نهجًا مختلفًا لتنظيم الذكاء الاصطناعي؟
يُتوقع أن تكون السياسات في المملكة المتحدة، أكثر مرونة مقارنة بالنهج الأوروبي، حيث أشارت حكومة «كير ستارمر» إلى نيتها وضع إطار قانوني لتنظيم الذكاء الاصطناعي، يركز على المبادئ العامة بدلاً من القواعد الصارمة.
لكن إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه بريطانيا هي حقوق الملكية الفكرية، فيما تسعى الحكومة إلى تقديم استثناء قانوني يسمح باستخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مع ضمان حق أصحاب المحتوى في الانسحاب.
قد يمنح هذا النهج بريطانيا ميزة تنافسية، حيث يرى خبراء أن غياب الضغط من اللوبيات المحلية يمنحها فرصة لابتكار سياسات فريدة تُحدث تأثيرًا عالميًا.
هل تؤدي التوترات الأمريكية-الصينية إلى التصعيد في سباق الذكاء الاصطناعي؟
على الصعيد الجيوسياسي، تبرز مخاوف من أن يؤدي التنافس بين الولايات المتحدة والصين إلى تصعيد في سباق الذكاء الاصطناعي. مع اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات لتقييد وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة، مثل الشرائح الإلكترونية، تسعى بكين لتطوير صناعتها الذاتية لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية.
وقد يُعقّد هذا التنافس الجهود العالمية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، خاصة إذا اتخذت كل دولة سياسات أحادية تراعي مصالحها الخاصة فقط. ويرى خبراء أن الحل الأمثل هو تعاون دولي لوضع معايير أمان مشتركة تحمي البشرية من المخاطر المحتملة لهذه التقنية.