ثقافة

المكتبات الوقفية.. كنز المعرفة المنتشر في أرجاء المملكة

المكتبات الوقفية.. كنز المعرفة الذي ينتشر في أرجاء المملكة

تنتشر المكتبات الوقفية في جميع أنحاء المملكة، وهي شاهد على طبيعة المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ والعصور.

وتمركزت تلك المكتبات في مدن المملكة مثل المدينة المنورة ومكة المكرمة اللتان ظلا طوال على مدار التاريخ الإسلامي وستظلان مراكز إشعاع واستقطاب لطالبي العلم من مختلف أنحاء العالم.

ما هي المكتبات الوقفية؟

هي مكتبات خصصها أصحابها من الملوك والأمراء والعلماء والأفراد، حتى يستفيد منها طلاب العلم والأفراد، لما تحتوي عليه من كنوز تتمثل في الكتب والمخطوطات النادرة.

نشأة المكتبات الوقفية

كانت بداية المكتبات الوقفية في زمن الخلفاء الراشدين أو ما يُعرف بـ “صدر الإسلام” في القرن الأول الهجري الموافق السادس الميلادي.

وكانت المكتبات وقتها في صورة بيوت الصحابة والتابعين الذين يمتلكون خزائن الكتب، وكانوا يفتحون بيوتهم لكل طالب علم للاستفادة منها.

ولم تقتصر المكتبات الوقفية على المنازل فقط، بل ظهرت أيضًا في المساجد مثل المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة وداخل المدارس.

وتم تطوير المكتبات الوقفية فيما بعد خلال العصرين الأموي والعباسي.

وبانتشار الإسلام، بدأ الأصحاب والتابعون في تأسيس خزائن الكتب لحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وكان من بينها أبو هريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبدالله بن عباس.

واختلفت أشكال المكتبات الوقفية، فكان من بينها مكتبات المساجد والكتاتيب والمكتبات الوقفية العامة والخاصة، إلى جانب مكتبات الزوايا والمستشفيات “البيمارستان” ومكتبات المقابر والخلوات.

أبرز المكتبات الوقفية في التاريخ الإسلامي

مكة المكرمة

بدأ ظهور المكتبات الوقفية فيها خلال القرن الثاني الهجري، بتأسيس مكتب الحرم المكي في عهد الخليفة المهدي عام 160هـ تقريبًا.

واحتوت المكتبة على كتب قيّمة، ولكنها تعرضت للتلف على أثر السيول التي شهدها الحرم المكي في عام 417 هـ، ولكن تم إعادة ترميمها في عام 1262 هـ وتمت تغذيتها بمجموعة جديدة من الكتب وأُطلق عليها “المكتبة المجيدية”.

وفي عصر الدولة السعودية الثانية طلب المؤسس بتحويلها إلى مكتبة عامة وخصص لها ميزانية لذلك، وتم تنظيمها بشكل خاص.

وهناك أيضًا خزانة المالكية وهي من المكتبات الوقفية القديمة في مكة وتعود إلى عصر صدر الإسلام، إلى جانب مكتبة بني فهد المشهورة بمخطوطاتها النادرة ومكتبات الأربطة التي تحتوي على أمهات كتب الحديث والفقه.

المدينة المنورة

ظهرت المكتبات الوقفية في المدينة المنورة في الفترة التي سبقت العهد السعودي، وتم تخصيصها من قبل الملوك والأمراء وبعضها كان تابعًا للمدارس الوقفية.

واحتوت بعض تلك المكتبات على مخطوطات نادرة من بينها مكتبة الحرم النبوي ومكتبة مدرسة عارف حكمت ومكتبة مدرسة أمين بن شيخ الحرم وغيرها.

وفي عام 1304هـ، وصل عدد المكتبات الوقفية في المدينة المنورة إلى 20 مكتبة، بها أكثر من 22 ألف كتاب.

تنظيم المكتبات الوقفية

منذ تأسيس الدولة السعودية، كان الإشراف على المكتبات الوقفية موكلًا إلى “مديرية الأوقاف العامة”، ولكن بعد ذلك ذهب الإشراف إلى وزارة الحج والأوقاف، والتي جرى فصلها لاحقًا.

وفي عام 1381 هـ الموافق 1961م، كلف مجلس الوزراء وزارة المعارف بقرار رسمي بشن عمليات تفتيشية على تلك المكتبات والتأكد من وجود فهارس خاصة لها مدون بها أسماء الكتب وهل يوجد نقص بها، وكتابة التوصيات الخاصة بتطوير تلك المكتبات.

وفي الوقت الحلي يتولى مجمع الملك عبد العزيز الإشراف على جميع المكتبات الوقفية داخل أراضي المملكة.