في كل عام، يقرر آلاف الأمريكيين ترك منازلهم والانتقال إلى ولايات أخرى، سواء بحثًا عن فرص عمل جديدة، أو سعيًا وراء مناخ أكثر اعتدالًا، أو هروبًا من تكاليف المعيشة المرتفعة، فالأمريكيون لا يكتفون بالتغيير على مستوى حياتهم المهنية فقط، بل يسعون كذلك لتحسين ظروفهم المعيشية في أماكن تقدم لهم ما يحتاجون إليه من فرص اقتصادية وبيئة أكثر ملاءمة.
وفي عام 2023، كشفت البيانات التي جمعها مكتب التعداد السكاني الأمريكي عن تحركات غير مسبوقة بين الولايات، حيث أظهرت إحصائيات هجرة الأمريكيين إلى خمس ولايات كان لها النصيب الأكبر من هذه التحركات.
الوجهة الأكثر جذبًا
وتكشف البيانات، التي تم تحديثها في أغسطس 2024، تصدر ولاية فلوريدا قائمة الولايات الأكثر جذبًا للمهاجرين في 2023، حيث استقبلت أكثر من 649 ألف شخصًا من ولايات أخرى.
ويقول الخبراء إن المناخ الدافئ، وعدم فرض ضريبة دخل على الأفراد، بالإضافة إلى تكاليف المعيشة المنخفضة نسبيًا مقارنة ببعض الولايات الأخرى، هي أبرز العوامل التي تجعل فلوريدا مغرية، كما أن ولايات مثل نيويورك، التي تعد واحدة من أكبر مصدري المهاجرين إلى فلوريدا، تمثل 11% من مجموع الوافدين إليها، وهذا الارتفاع في عدد السكان الجدد يعكس حالة من التغيير المستمر في نمط حياة الأمريكيين.
وجاءت في المرتبة الثانية ولاية تكساس، التي استقبلت أكثر من 618 ألف شخص في 2023، وهو تدفق يمكن تفسيره بفضل ما توفره تكساس من فرص عمل كبيرة، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والصناعات النفطية، بالإضافة إلى تكاليف المعيشة المعقولة مقارنة بكاليفورنيا ونيويورك تجعل من تكساس وجهة مفضلة للباحثين عن بداية جديدة، ونظراً لموقعها في الجنوب الغربي، فإن تكساس تعتبر من الولايات التي تتمتع بمناخ دافئ طوال العام، ما يزيد من إقبال المهاجرين إليها.
الجاذبية المستمرة رغم التحديات
وعلى الرغم من كونها واحدة من الولايات الأكثر تكلفة للعيش فيها، فإن ولاية كاليفورنيا حافظت على مكانتها ضمن أبرز خمس ولايات مقصودة من قبل المهاجرين في 2023، حيث استقبلت نحو 423 ألف شخص، بفضل الطقس المعتدل على مدار العام، فضلًا عن الفرص الواسعة في قطاعات مثل التكنولوجيا والترفيه، التي تجعلها مركزًا جاذبًا للمواهب من جميع أنحاء البلاد
ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن التكاليف المرتفعة وتزايد أعداد المغادرين بسبب هذه التحديات قد تؤثر في ترتيبها في المستقبل.
أما ولاية كارولاينا الشمالية، التي استقبلت أكثر 339 ألف مهاجر في 2023، فشهدت نموًا ملحوظًا بفضل تكاليف المعيشة المنخفضة مقارنة ببعض الولايات الأخرى، بالإضافة إلى النمو الاقتصادي المستمر في مدن مثل شارلوت. تتزايد الفرص في مجالات التكنولوجيا والتصنيع، ما يجعلها وجهة مثالية للأسر الباحثة عن حياة أفضل.
وفي السياق نفسه سجلت ولاية جورجيا، التي استقبلت أكثر من 312 ألف شخص، أيضًا أرقامًا مرتفعة في تدفق المهاجرين، حيث أصبحت جورجيا، وخاصة مدينة أتلانتا، مركزًا حيويًا للأعمال والفرص الاقتصادية، مما يجعلها واحدة من الوجهات الأكثر جذبًا للمهاجرين من ولايات مثل فلوريدا ونيويورك.
وتعكس هذه التحركات تزايد الوعي بأهمية الظروف الاقتصادية والمعيشية في تحديد مكان الإقامة، فبينما يهاجر البعض إلى ولايات ذات مناخات معتدلة وفرص عمل أفضل، يختار آخرون الولايات التي تقدم لهم تكاليف حياة أقل وفرصًا مهنية واعدة.
وتشير البيانات إلى أن حوالي 12% من الأمريكيين انتقلوا إلى مسكن آخر في 2023، وبحسب مكتب التعداد السكاني، فإن 80% من هؤلاء نقلوا إقامتهم ضمن نفس ولايتهم، بينما قرر 20% منهم الانتقال إلى ولايات أخرى، وهو ما يعكس استجابة العديد من الأمريكيين لمتغيرات الحياة الاقتصادية والظروف المناخية.