صحة

اذهب إلى السينما لصحة عقلية أفضل.. 24 شبكة دماغية تنشط أثناء مشاهدة الأفلام

مشاهدة الأفلام

في كثير من الأحيان، يعد الجلوس على الأريكة مع طبق من الفشار ومشاهدة فيلم وسيلة للاسترخاء بعد يوم طويل من العمل، لكن، ما يجهله الكثيرون هو أن دماغهم يعمل بشكل نشط للغاية خلال مشاهدة الأعمال السينمائية، حيث تنشط نحو 24 شبكة دماغية في وقت واحد، بحسب ما كشفت عنها دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد ماساتشوستس.

وتكشف الدراسة الحديثة، التي نشرت مطلع الشهر الجاري في مجلة «نيورون»، عن خريطة دماغية وظيفية تعد الأكثر دقة حتى الآن. تمكّن العلماء من تحديد الدوائر الدماغية المتخصصة التي تنشط أثناء مشاهدة الأفلام، وكل دائرة من هذه الدوائر تدعم جانبًا معينًا من عملية الإدراك.

فخلال مشاهدتك لفيلم، كأن ترى شخصية «دوم كوب» يستكشف عالم الأحلام في فيلم «إنسيبشن»، أو كيف يدرك «كيفن مكالستر» أنه «في المنزل» في فيلم «Home Alone»، أو حين تقول «لييا» في «حرب النجوم: الإمبراطورية تضرب مجددًا» عن «هان سولو» إنه «شخصية فوضوية»، يصبح دماغك في حالة من النشاط المستمر.

دراسة مبتكرة

ويقول الدكتور رضا رجيمهر، الباحث الرئيسي في دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وأستاذ علوم الأعصاب في المعهد، إنها تعد «أول محاولة لرسم خريطة لمناطق وشبكات الدماغ في ظروف طبيعية، حيث تكون الدماغ في حالة نشاط خلال مشاهدة الأفلام».

وعلى عكس العديد من الدراسات التي كانت تُجرى سابقًا أثناء «الراحة»، أي في لحظات لا يتم فيها تحفيز الدماغ بشكل خارجي، فإن هذه الدراسة توفر رؤى أعمق حول كيفية تفاعل الدماغ مع المحفزات البصرية والمعرفية خلال مشاهدة محتوى مرئي مثل الأفلام.

اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) التي تقيس نشاط الدماغ من خلال مراقبة تدفق الدم إلى مناطق معينة في الدماغ، حيث يتم تفعيل مناطق الدماغ المرتبطة بأنشطة معرفية أو عاطفية معينة، مما يؤدي إلى تدفق الدم إليها بشكل أكبر.

شارك في الدراسة 176 شابًا، وقد تم تصوير أدمغتهم أثناء مشاهدتهم لمقاطع قصيرة من أفلام مستقلة وهوليوودية امتدت لمدة 60 دقيقة، وبفضل هذه التقنية، تمكن الباحثون من تتبع استجابة الدماغ لكل مشهد سينمائي.

شبكات الدماغ في الخدمة

من خلال تحليل البيانات، اكتشف الباحثون أن 24 شبكة دماغية مختلفة قد تم تنشيطها أثناء مشاهدة الأفلام، حي تُربط كل شبكة دماغية بعمليات معرفية معينة، مثل التعرف على الوجوه البشرية، ومراقبة التفاعلات بين الأشخاص، ورصد البيئات والأماكن المألوفة.

هذه الخريطة، التي تعد الأكثر شمولًا في مجال أبحاث الدماغ، توفر فهمًا أعمق حول كيفية ترتيب الشبكات الدماغية وكيفية استجابتها للمحفزات المختلفة.

أحد الاكتشافات المثيرة التي تم رصدها في الدراسة كان العلاقة العكسية بين «مجالات التحكم التنفيذي»، وهي المناطق الدماغية المسؤولة عن اتخاذ القرارات والتخطيط، والمناطق الأخرى المسؤولة عن عمليات معرفية أخرى.

ففي المشاهد المعقدة التي يصعب متابعتها، مثل تلك التي تظهر فيها خطط سرقة كبيرة كما في فيلم «Ocean’s 11»، كانت شبكات التحكم التنفيذي نشطة للغايةK بينما في المشاهد البسيطة، كالمحادثة اليومية بين جوليا روبرتس وطرف آخر في فيلم «Erin Brockovich »، كانت المناطق المتخصصة في معالجة اللغة هي المسيطرة.

كما لفت رجيمهر إلى ملاحظة أخرى مثيرة للدهشة، وهي الاستجابة الكبيرة لشبكات التحكم التنفيذي بمجرد انتهاء المشهد، حيث كان يتم التوقف المفاجئ للمقاطع السينمائية مع فترة راحة قصيرة مدتها 20 ثانية بين كل مشهد وآخر، مما يبدو أنه يحفز شبكات الذاكرة في الدماغ عند محاولة المشاركين تذكر محتوى المشاهد.

وتشير هذه الدراسة إلى أن الخريطة الوظيفية الدقيقة للدماغ يمكن أن توفر رؤى هامة عن تنظيم الشبكات الدماغية في الأشخاص الأصحاء وكذلك في أولئك الذين يعانون من اضطرابات مثل الفصام أو التوحد، علاوة على ذلك، يمكن أن تساهم هذه النتائج في تحسين صناعة السينما، حيث قد تساعد صانعي الأفلام على فهم كيفية تأثير المشاهد على دماغ المشاهد، مما يعزز من جاذبية الأفلام ويساعد في إنتاج محتوى أكثر إثارة واندماجًا.