في يوليو 2024، وبعد محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كشف إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، عن تعرضه لمحاولتين اغتيال منفصلتين، كانتا قد استهدفته شخصيًا، وألقي القبض على المهاجمين اللذين كانا يحملان أسلحة نارية على بعد حوالي 20 دقيقة من مقر تسلا في ولاية تكساس.
وتكشف هذه الحادثة عن جانب مظلم ومثير من عالم التقنية، حيث يواجه قادة الشركات الكبرى تهديدات قد تضر بحياتهم الشخصية، مما يضع الأمن الشخصي على رأس أولوياتهم، ومع كون هؤلاء القادة يتربعون على عرش شركات تقدر إيراداتها بحجم ناتج بعض الدول الصغيرة، لا عجب أن تتصاعد تكاليف حمايتهم لتصبح أرقامًا فلكية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو: كم من المال يتم إنفاقه سنويًا لحماية هؤلاء الرؤساء؟
الإجابة عن هذا السؤال توفرها بيانات نشرتها مجلة «فورتشن» في وقت سابق من هذا العام، كشفت عن أرقام تكاليف حماية بعض من أبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا خلال عام 2023.
من يتصدر قائمة المدفوعات الأمنية؟
وفقًا للتحليل الذي أجرته «فورتشن»، تصدرت شركة «ميتا»، المالكة لموقع فيسبوك، القائمة في عام 2023 بتكاليف بلغت 23.4 مليون دولار أمريكي لحماية مؤسسها مارك زوكربيرج، إذ أشار مسؤولو الشركة في بياناتهم المالية إلى أن زوكربيرج «مرادف» للشركة، مما يبرر هذا الإنفاق الكبير على أمنه الشخصي، خوفًا من أن تؤثر أي سلبيات على صورة الشركة سلبًا عليه شخصيًا.
وفي المرتبة الثانية، جاء «سوندار بيتشاي»، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت» (الشركة الأم لجوجل)، الذي أنفقت شركته نحو 6.8 مليون دولار أمريكي على حمايته. أما في المركز الثالث، فتم تخصيص 2.4 مليون دولار من شركة «تسلا» لحماية إيلون ماسك. وتجدر الإشارة إلى أنه من المتوقع أن تتضاعف هذه التكاليف في عام 2024 بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها ماسك مؤخرًا، بالإضافة إلى تعيينه في الحكومة الأمريكية الجديدة.
أما الرئيس التنفيذي لشركة «نفيديا»، «جينسن هوانج»، فكلفت حمايته 2.2 مليون دولار في العام ذاته، رغم أنه معروف بهيئته غير الرسمية التي يفضل فيها ارتداء ملابس كاجوال والسير في تجمعات عادية.
ثم في المركز الأخير، يأتي «تيم كوك»، الرئيس التنفيذي لشركة «آبل»، الذي تم تخصيص نحو 800 ألف دولار فقط لتأمينه.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
في حال كانت هذه الأرقام تبدو غير واقعية، فإن «فورتشن» كشفت أن تكاليف الحماية الشخصية، حتى في أبسط أشكالها، تتطلب على الأقل مليون دولار سنويًا لضمان حماية 24 ساعة مع وجود حارسين شخصيين فقط. وهو ما يعكس حجم الضغوطات التي يتعرض لها قادة التقنية نتيجة مكانتهم الاجتماعية، والمخاطر التي تهدد حياتهم يوميًا.
وفي الوقت الذي قد لا تبدو فيه تكاليف حماية بعض الرؤساء التنفيذيين مثل «جينسن هوانج» مرتفعة، فإن لها تأثيرًا كبيرًا على الشركات نفسها. حيث إن وجود هوانج على رأس شركة «نفيديا»، لا يعزز فقط من مكانة الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي، بل يسهم أيضًا في رفع معنويات الموظفين فيها، وفقًا لتحليل «فورتشن».
رغم ذلك تبدو تكاليف حماية رؤساء شركات التكنولوجيا الكبرى من أعلى التكاليف التي تتحملها الشركات في العالم، لكنها تكاليف غير مفاجئة بالنظر إلى ما تمثله هذه الشخصيات من قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة لشركاتهم. وفي ظل الأجواء المشحونة بالمخاطر التي تحيط بهذه الشخصيات، من المتوقع أن تزداد هذه الأرقام بشكل أكبر في السنوات القادمة.