في المساء، استيقظت جيل وأحضرت الطعام إلى السرير وبدأت في تناوله حتى انتهت بالكامل ثم عادت إلى النوم، وفي صباح اليوم التالي تذكرت ما قامت به ولكنها لم تعرف كيف لم تمنع نفسها فقد كانت “مسلوبة الإرادة”.
ما عانت منه جيل – 65 عامًا الآن – منذ فترة دراستها في المرحلة الإعدادية يُعرف بـ “اضطراب الأكل المرتبط بالنوم”، وهو ما يصنفه الأطباء بأنه أحد أشرس اضطرابات النوم على الإطلاق.
ويتشابه اضطراب الأكل أثناء النوم، التحدث خلال النوم أو المشي وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالنوم.
تقول جيل – حسبما نقلت عنها شبكة CNN: “كنت استيقظ وأجد أغلفة صناديق كاملة من البسكويت أو الكوكيز على السرير أو بجانبه، دون أن أفهم كيف وصلت إلى هناك، فالأمر لم يقتصر على مجرد وجبة خفيفة، بل تطور ليصبح وجبات كاملة وكميات غير عادية.
تقول جيل عن سلوكياتها الليلة غير الواعية: “لم أكن استيقظ لأتناول قضمة واحدة، بل كنت أستطيع أن أتناول علبة كاملة من البسكويت، ثم أنام واستيقظ مرة أخرى لأتناول أربعة أطباق من الحبوب، ثم أنام واستيقظ لأتناول علبة كاملة من البسكويت مرة أخرى”.
والمثير للدهشة أن جيل دائمًا كانت تميل لتناول الأطعمة غير الصحية خلال نومها، ولم تلجأ ولا مرة واحدة إلى الفاكهة كمثال.
ماذا يقول الأطباء عن اضطراب الأكل المصاحب للنوم؟
يصف الأستاذ والطبيب النفسي في المركز الطبي لمقاطعة هينيبين في جامعة مينيسوتا والمتخصص في علاج اضطرابات النوم، كارلوس شينك، اضطراب الأكل المصاحب للنوم بأنه صاحب التأثير الأسوأ على حياة الناس.
ويقول: “هؤلاء الأشخاص تزداد شهيتهم للأكل أثناء الليل بشكل كبير ويكتسبون وزنًا زائدًا بسبب ما يأكلونه من طعام بلا وعي، ثم يستيقظون في الصباح ويشعرون بالتعاسة”.
ويؤكد شينك أن الاضطراب يؤثر على حياة المرضى بأكملها ويؤثر هذا على حياتهم بأكملها.
ويوضح أن هذا الاضطراب يحدث خلال أعمق مرحلة من النوم والتي تسمى “نوم دلتا”، إذ يحدث ما يشبه الإنذار في الجهاز العصبي الذي يحفز الجسم وينشطه، في الوقت الذي يكون فيه الإدراك غير موجود تمامًا.
خارج عن السيطرة
خلال تلك المرحلة ما بين النوم واليقظة، يتولى المخ القيادة، ويبدأ في توجيه الشخص ناحية الأطعمة التي تشبع احتياجاته وعلى الأغلب تكون أطعمة فائقة المعالجة مثل الحلوى والبسكويت والكعك والدونات ورقائق البطاطس والمقرمشات.
وفي هذه المرحلة يكون الإنسان فاقد تمامًا للسيطرة على عقله، بل إن الأمر قد يتطور إلى تناوله لأطعمة تصيبه بالحساسية، وفي حين أنه نادر لكنه يحدث.
ويتابع شينك “وبسبب اختيارهم لأطعمة مثل زبدة الفول السوداني، والشوكولاتة، وبقايا فطيرة الموز الكريمية أو المعكرونة – وهي أطعمة مريحة تسبب السمنة والمعالجة المفرطة – فقد يصابون أو يتفاقم لديهم مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم”.
تقول جيل إنه بمرور الوقت تبدأ الآثار السلبية للاضطراب في الظهور، ومن بينها عدم القدرة على مواصلة الحياة اليومية في ظل النوم المتقطع بسبب الاستيقاظ مرارًا خلال الليل وتناول الأطعمة غير الصحية.
لماذا اضطراب الأكل أثناء النوم هو الأسوأ؟
يقول الأطباء إنه من بين جميع الاضطرابات المرتبطة بالنوم، يُعتبر اضطراب تناول الطعام هو الأكثر صعوبة في العلاج.
وبشكل عام تبلغ نسبة النجاح نحو ثلث الحالات المصابة به فقط، بحسب شينك.
وبالمقارنة، فإن نجاح العلاج يزيد عن 75% للمرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم الجنسي أو المشي أثناء النوم أو الكوابيس الليلية.
لماذا يأكل المصاب بالاضطراب خلال النوم؟
على مدار سنوات ظلت جيل تعاني الإحراج ولا تتحدث عن سلوكياتها خلال النوم، حتى اكتشفت مركز شينك لعلاج اشطرابات النوم، وهناك خضعت لدراسة نوم معملية.
وكشفت الدراسة أنها تعاني من متلازمة تململ الساقين، وهو اضطراب عصبي يسبب أحاسيس غير سارة في الساقين إلى جانب رغبة لا تقاوم في تحريكهما.
وعادة تبدأ تلك الأحسايس في المساء وتستمر طوال الليل، ويقول شينك إن تلك المتلازمة هي أحد الأسباب الأربعة المحتملة لتناول الطعام أثناء النوم.
ومن بين الأسباب الأخرى التي تسبب الأكل أثناء النوم هي المشي خلال النوم أو انقطاع النفس أثناء النوم أو تناول أدوية الإرهاق.
وكل هذه الأسباب قد تؤدي في النهاية إلى اضطراب الأكل المرتبط بالنوم والذي يُطلق عليه في الطب “المسار المشترك النهائي”.
وتشمل عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بالأكل أثناء النوم التاريخ العائلي لاضطرابات الأكل من أي نوع، فضلاً عن جنس الشخص، حسب قول شينك.
وتسيطر النساء على النسبة الأعلى من اضطرابات الأكل المرتبطة بالنوم بنسبة 70%، في مقابل الأرق الجنسي الذي يسيطر عليه الرجال بنسبة 80%.
وقد يؤدي اتباع حميات غذائية معينة إلى تفاقم هذا الاضطراب، إذ يؤدي عدم الحصول على السعرات الحرارية اللازمة للجسم خلال النهار إلى زيادة تناول الطعام خلال النوم.
ونصحت جيل كل من يعاني من هذا الاضطراب إلى القراءة والبحث عنه، والاستعانة بطبيب على دراسة وعلم بالحالة وعدم الاستسلام إلى الآراء السلبية للأطباء الآخرين.
المصدر: CNN
