قد يضطر العلماء إلى خصم ثانية واحدة من عمر السنة بحلول عام 2029، في ظاهرة غير مسبوقة عالميًا، بما يغير من تصورنا حول الوقت والزمن.
وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة تحدث لأول مرة في التاريخ، إلا أنها ليست كارثية ولا يترتب عليها تداعيات محسوسة.
لماذا يتقلص الوقت؟
وفق علماء الجيوفيزياء فإن دوران الأرض تغير عن ذي قبل، وبات أسرع بقليل ما تسبب في تلك الظاهرة.
وقد تحتاج الساعات لحذف ثانية واحدة أو ما يُطلق عليها “الثانية الكبيسة”، بحسب دراسة منشورة الأربعاء الماضي في مجلة “نيتشر”.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة دنكان أغنيو، عالم الجيوفيزياء في معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: “هذا وضع غير مسبوق وأمر كبير”.
وأشار إلى أن هذا التغير يُعد مؤشرًا قويًا على أننا في وقت غير عادي للغاية.
وقال أغنيو إن ذوبان الجليد عند القطبين، أدى إلى تأخير تسارع دوران الأرض وخصم الثانية الكبيسة بحوالي 3 سنوات.
ويقول مدير الوقت المتقاعد للمرصد البحري الأمريكي، دينيس مكارثي، إن الاتجاه نحو خصم الثانية الكبيسة لا مفر منه، ولكنها مسألة وقت.
ولفت إلى أن هذا الوضع معقد، وتتداخل فيه عدة عوامل وهي القوة العالمية والمناخ والتقنية.
ولكن لماذا قد نحتاج لحذف ثانية من الساعات؟
يقول الخبراء إن سرعة الأرض تتباطأ بشكل عام منذ آلاف السنين، مع اختلاف المعدل من وقت لآخر.
ويحدث التباطؤ نتيجة لظاهرة المد والجزر الناتجة عن سحب القمر.
وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي، حتى تم اعتماد الساعات الذرية كمعيار زمني رسمي منذ أكثر من 55 عامًا.
ورغم هذا التباطؤ العام في سرعة الأرض، إلا أن الساعة الذرية لم تتباطأ.
ونتج عن ذلك وجود نوعين من الزمن هما الفلكي والذري، واللذان اختلفا بمقدار 2.5 مللي ثانية كل يوم.
وقال أغنيو إن هذا يعني أن الساعة الذرية ستشير إلى منتصف الليل، في الوقت الذي يحدث فيه منتصف الليل بالفعل بعد جزء من الثانية.
وعلى مدار سنوات، تم تجميع تلك الكسور اليومية من الثواني، وإضافتها للزمن.
ولكي يحدث التوافق بين الوقتين الذري والفلكي، قرر مراقبو الوقت الدوليون إضافة ثانية كبيسة في عام 1972.
وبذلك أصبح منتصف الليل يأتي عند الساعة 11:59 و60 ثانية، بدلًا من الساعة 11:59 و59 ثانية.
وستنتقل الثانية الكبيسة السلبية من 11:59 و58 ثانية مباشرة إلى منتصف الليل، متخطية 11:59:59.
وخلال 44 عامًا، وتحديدًا بين عامي 1972 و2016، أضاف العلماء 27 ثانية كبيسة إلى الزمن نتيجة تباطؤ الأرض.
ولكن بمرور الوقت، تراجع معدل التباطؤ، وبدأت سعة الأرض في التزايد مرة أخرى.
وفسر أغنيو ذلك بأنه نتيجة وجود السوائل المنصهرة في باطن الأرض، والتي تتحرك بطريقة لا يمكن التنبؤ بها.
وهذه المواد المنصهرة كان السبب وراء تزايد سرعة الأرض قبل نصف قرن، ولكن ذوبان الجليد تسبب في تعطيل هذا التسارع.
وكان من المفترض أن تحتاج الأرض لتلك الثانية السلبية بحلول 2026، لولا ذوبان الجليد الذي أدى لإرجاء تلك العملية إلى 2029.
التعارض مع التقنيات الدقيقة
وطوال عقود من الزمن، كان العلماء يعتمدون على التوقيتين العالمي والفلكي، وبإضافة تلك الثواني الكبيسة الصغيرة.
لكن بتطور التقنية، قال خبراء الحاسوب إن إضافة هذه الثواني ليست سهلة بالنسبة لجميع التقنيات الدقيقة المهمة للعالم في وقتنا الحالي.
وفي عام 2012، لم تتمكن بعض أنظمة الحاسوب من التعامل مع الثانية الكبيسة، ما نتج عنها مشكلات في Reddit وLinux وخطوط طيران كانتاس وغيرها.
وأثارت تلك المشكلات التساؤل حول الحاجة إلى هذا التعديل، إذا كان يؤثر بالسلب على بعض التقنيات والنظم.
ووفق مكارثي، فإن حذف تلك الثواني قد يسبب مشكلات لنظام الأقمار الصناعية الروسية التي تعتمد على التوقيت الفلكي.
وفي عام 2022، قرر مراقبو الوقت في العالم أنه بداية من ثلاثينيات القرن الحالي، سيغيرون معايير إدخال أو حذف ثانية كبيسة، مما يجعل احتمال حدوثها أقل بكثير.
وأشار ليفين إلى أن بعض شركات التقنية مثل غوغل وأمازون وضعت حلولًا خاصة بها للتعامل مع مشكلات الثانية الكبيسة، من خلال إضافة أجزاء من الثانية تدريجيًا على مدار يوم كامل.
لكن ليفين لا يعتقد أن هناك حاجة إلى قفزة سلبية ثانية. وقال إن الاتجاه العام لتباطؤ المد والجزر كان موجودًا منذ قرون وما زال مستمرًا.
المصدر: Foxnews