كشفت دراسة جديدة عن فقدان العالم ثانية من وقته في العامين المقبلين، حيث يتأثر الموعد المحدد لهذا الحدث بتغيرات في دوران الأرض نتيجة ذوبان الجليد القطبي، مما يؤدي إلى تأثيرات على نظم الحوسبة.
وأكدت باتريسيا تافيلا، عضو قسم الوقت في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس في فرنسا في مقال مرافق للدراسة، أهمية التعديلات الدقيقة على الثواني الكبيسة، مشيرة إلى أنها يمكن أن تسبب مشاكل غير مسبوقة.
أوضح دنكان أغنيو، أستاذ الجيوفيزياء بجامعة كاليفورنيا سان دييغو، والمؤلف الرئيسي للدراسة في التقرير الذي نُشر في مجلة “نيتشر”،أن ذوبان الجليد القطبي يؤخر الثانية الكبيسة لمدة ثلاث سنوات، مما ينقل الموعد المتوقع من عام 2026 إلى عام 2029.
ما الجديد؟
تعتمد الساعات والدقائق التي تملي أيامنا على دوران الأرض، لكن هذا الدوران ليس ثابتًا ويمكن أن يتغير بشكل طفيف جدًا، اعتمادًا على ما يحدث على سطح الأرض وفي قلبها المنصهر.
وتعني هذه التغييرات غير المحسوسة في بعض الأحيان أن ساعات العالم تحتاج إلى تعديل بمقدار “ثانية كبيسة”، وهو ما قد يبدو صغيرًا ولكن يمكن أن يكون له تأثير كبير على أنظمة الحوسبة.
وعلى مر السنين تمت إضافة الكثير من الثواني، ولكن بعد فترة طويلة من التباطؤ، أصبح دوران الأرض يتسارع الآن بسبب التغيرات في قلبها، ولأول مرة على الإطلاق، يجب إنقاص ثانية بدل من الإضافة.
وأكدت باتريسيا تافيلا، أنه لم يتم اختبار ثانية كبيسة سلبية من قبل، وبالتالي فإن المشاكل التي يمكن أن تسببها لم يسبق لها مثيلًا.
تاريخ الثواني
قبل عام 1955، كانت الثانية تعني جزءاً معيناً من دورة الأرض حول الشمس، ولكن مع دخول عصر الساعات الذرية عالية الدقة، ظهرت الطرق الأكثر استقراراً لقياس الزمن.
ومنذ نهاية الستينيات، بدأ العالم في استخدام التوقيت العالمي المنسق (UTC) لتحديد المناطق الزمنية، حيث يعتمد على الساعات الذرية، لكنه يتماشى مع دوران كوكب الأرض.
ومع عدم ثبات سرعة دوران الأرض، يتباعد النطاقان الزمنيان تدريجياً، مما يستدعي إضافة “ثانية كبيسة” بين الحين والآخر لإعادة المحاذاة.
كما ساهم تأثير الاحتكاك الناتج عن حركة المد والجزر في أعماق المحيطات في التباطؤ التدريجي لدوران كوكب الأرض على مدى الزمن الطويل، وفقاً للباحثين.
وفي الوقت الحاضر، يشير الخبراء إلى أن تأثيرات ذوبان الجليد القطبي، التي تنتج عن استمرار الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن احتراق الوقود الأحفوري، تلعب دوراً محورياً في هذه العملية.
يصف تيد سكامبوس، عالم الجليد في جامعة كولورادو بولدر والذي لم يكن ضمن فريق الدراسة، هذه العملية بأنها مشابهة لحركة متزلج يدور على الجليد ، حيث يتباطأ دوران المتزلج عندما يجمع ذراعيه نحو أكتافه.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور أغنيو، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، أن ذوبان الجليد القطبي قد كان كافياً لتأثير بارز على دوران الأرض بطريقة لم تسبق لها مثيلًا.
قلب الأرض وتأثيره على الزمن العالمي
عندما يتعلق الأمر بتحديد الوقت العالمي، تكمن الأسرار في أعماق الأرض، حيث يتحرك اللب السائل للأرض بشكل مستقل تمامًا عن قشرتها الصلبة، بينما يؤكد الباحثون أن تباطؤ القلب يدفع القشرة للتسارع للحفاظ على الزخم، وهو سيناريو يجري في الوقت الحالي.
وأوضح العاملون أن تلك الأمور تحدث في العمق البالغ حوالي 1800 ميل تحت سطح الأرض وأن سبب تغير سرعة النواة لا يزال غامضًا، ويؤكد الدكتور أغنيو أنها ليست مسألة يمكن التنبؤ بها بسهولة.
تأثير ثانية كبيسة على البرمجيات
في عالم مليء بالتكنولوجيا، يُعتبر تحديث الأنظمة والبرمجيات ضرورة لمواكبة التطورات، حيث إن العديد من أنظمة الكمبيوتر لديها برامج تمكنها من إضافة ثانية، ولكن القليل منها لديه القدرة على طرح واحدة، ولذلك سيحتاج البشر إلى إعادة برمجة أجهزة الكمبيوتر، مما يزيد من احتمالية الخطأ.
وقال أغنيو: “لم يتوقع أحد حقًا أن الأرض ستتسارع إلى النقطة التي قد نضطر فيها إلى إزالة ثانية كبيسة”.
وفي السياق ذاته أوضح سكامبوس، عالم الجليد في جامعة كولورادو بولدر، أن الأمر المهم في الدراسة هو أنها تظهر أن التغيرات من قلب الأرض تتجه الآن بشكل أكبر من الاتجاهات السائدة في فقدان الجليد من القطبين.
بالنسبة لأغنيو، يمثل هذا الاكتشاف فرصة لربط الناس بالتأثيرات البيئية التي يمارسها البشر على الكوكب، وشدد على أن القدرة على تحديد تأثير ذوبان الجليد على دوران الأرض تعطينا إحساسًا بالمسؤولية الكبيرة التي يجب أن نتحملها في حفظ بيئتنا.
اقرأ ايضاً :
هل انتهى فيروس كورونا أم مازلنا في خطر؟
متى كان مستوى سطح البحر في أعلى مستوياته؟
الدول الأكثر تلقيًا لنفايات الاتحاد الأوروبي
المصدر: