أحداث جارية سياسة

انهيار جسر بالتيمور في أمريكا.. الكارثة الأسوأ من نوعها منذ 17 عامًا

جسر بالتيمور

خلال الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء، كانت مدينة بالتيمور في الولايات المتحدة على موعد مع كارثة كبرى، إذ انهار جسر مائي ضخم بعد أن اصطدمت به سفينة حاويات.

ونتج عن الاصطدام تحطم قائمة جسر “فرانسيس سكوت كي”، وسقط جزء معدني منه في المياه، بحسب هيئة النقل في ولاية ماريلاند.

وفور وقوع الحادث أعلنت السلطات حالة الطوارئ وتم إعلام البيت الأبيض بالحادث والذي نفي وجود أي شبهة جنائية، وأنه مجرد حادث يتطلب المزيد من التحقيق.

ماذا حدث؟

كانت سفينة الشحن “دالي” التي ترفع علم سنغافورة في طريقها من ميناء بالتيمور إلى سريلانكا في حوالي الواحد والنصف صباحًا بتوقيت الولايات المتحدة، عندما فقدت السيطرة على التوجيه في بداية رحلة مدتها 27 يومًا.

وفجأة انطفأت أنوار السفينة التي يبلغ طولها 948 قدمًا (289 مترًا)، وتعطلت أجهزة التوجيه والاستشعار كما أنهم لم يتمكنوا من السيطرة على المحرك.

بدأت السفينة في تنفيذ خطة الطوارئ فألقت المرساة لإبطاء حركتها، كما أرسلت بعض العمال في قوارب إلى المياه، وحاولت استعادة السيطرة ولكن دون جدوى.

وتمكنت السفينة من إبلاغ السلطات قبل وقت قصير من الاصطدام، وهو ما مكن من وقف حركة المرور على الجسر، ما أدى لتحجيم عدد الضحايا.

ولكن تلك الجهود لم تمنع اصطدام دالي بعمود خرساني على الجسر البالغ طوله 2.4 كيلو متر، والذي أدى إلى سقوط أجزاء معدنية منه في المياه.

وبمجرد الاصطدام اشتعلت النيران في السفينة، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو متداولة للحادث عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وظهرت السفين التي كانت تحمل ما لا يقل عن 3 آلاف حاوية وهي عالقة بين حطام الجسر المنهار.

وبالنسبة لأفراد السفينة، فتم تحديد هويتهم وهم 22 فردًا من الهند، ولم يتعرض أي منهم لأضرار بالغة.

تداعيات الحادث

أسفر الحادث عن سقوط 20 شخصًا في المياه، من بينهم 6 مفقودين وترجح السلطات مقتلهم بسبب برودة المياه، فيما تم إنقاذ عاملين على قيد الحياة.

وعلى أثر الحادث تم إغلاق ميناء بالتيمور وهو أحد أكثر الموانئ ازدحامًا على الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى.

ولكن مع تلاشي الأمل في العثور على المزيد من الناجين على قيد الحياة، علق حفر السواحل جهود الإنقاذ بعد مرور 18 ساعة على الحادث.

ومن المفترض أن يستأنف رجال الإنقاذ محاولاتهم في اليوم الأربعاء، للبحث عن المفقودين قرب مصب نهر باتابسكو، خصوصًا في ظل المخاطر المحيطة بعملية البحث ليلًا بسبب الحطام والتيارات الغابرة.

ومن بين الستة الذين يفترض أنهم لقوا حتفهم عمال من المكسيك وغواتيمالا والسلفادور، وفقا للقنصلية المكسيكية في واشنطن.

وكان المفقودين ضمن طاقم عمل يقوم ببعض الإصلاحات، عندما اصطدمت السفينة بالجسر.

من المقرر أن يستأنف رجال الإنقاذ عملية البحث وانتشال المفقودين طوال اليوم الأربعاء

هل هناك شبهة إهمال؟

مع استبعاد المسؤولين وجود جريمة مدبرة للتسبب في هذا الحادث، لم يبق أمام السلطات سوى احتمالات الإهمال أو المشكلات الفنية.

ولكن حاكم ولاية ماريلاند ويس مور قال في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، إن الجسر لا يعاني من أي مشاكل هيكلية معروفة.

وبالنسبة للسفينة فالأمر كام مختلف، إذ اكتشفت السلطاتالب بحث في سجل “دالي” تعرضها لحادث مماثل في ميناء أنتويرب ببلجيكا في عام 2016.

وارتطمت السفينة بالرصيف أثناء محاولتها الخروج من محطة حاويات بحر الشمال.

وحديثًا، أدت عملية تفتيش في عام 2023 لاكتشاف خلل في أنظمة الدفع والآلات المساعدة في السفينة، وفق ما نشره موقع Equasis.

ولكن هيئة الملاحة البحرية والموانئ في سنغافورة قالت في بيان إن السفينة اجتازت عمليتي تفتيش منفصلتين للموانئ الأجنبية في يونيو وسبتمبر 2023.

وقالت إنه تم تصحيح مقياس ضغط الوقود الخاطئ قبل مغادرة السفينة الميناء بعد تفتيشها في يونيو 2023.

التأثير طويل الأمد للحادث

من المتوقع أن يترك الحادث تداعيات اقتصادية على شريان مائي حيوي هام في الساحل الشرقي الأمريكي.

وبحسب تصريحات وزير النقل الأمريكي، فإن الحادث سيكون له تأثير كبير وطويل الأمد على سلاسل التوريد.

وميناء بالتيمور هو أحد أهم منافذ عبور شحنات السيارات في الولايات المتحدة، إذ مر خلاله أكثر من 750 ألف مركبة في عام 2022، وفقًا لبيانات الميناء.

هذا بخلاف مرور الحاويات والبضائع الأخرى التي تتراوح من السكر إلى الفحم.

نداء الاستغاقة والتنبيه الذي أصدرته السفينة ساهم في تحجيم التداعيات ولكنه لم يمنع الكارثة

ويستبعد المراقبون أن يكون لغلق الميناء هذا التأثير الكبير على الاقتصاد، خصوصًا في ظل منافسة مراكز الشحن الأخرى على طول الساحل الشرقي.

وعلى الجانب المدني والإنساني، فتسبب تحطم الجسر في تعطيل حركة المرور، وإلزام سائقي السيارات باتخاذ طرق بديلة ما أثار المخاوف من مشكلات التحويلات المرورية التي يمكن أن تمتد لسنوات.

ويسمح الجسر الذي تم افتتاحه في عام 1977 بعبور 31 ألف مركبة عبر الميناء بشكل يومي، إذ إنه يُعد الطريق الرئيسي للسيارات بين نيويورك وواشنطن.

ويمنح الجسر الفرصة لسائقي السيارات بتجنب الازدحام في وسط مدينة بالتيمور.

الخطوات المقبلة

كلّفت رئيسة المجلس الوطني لسلامة النقل، جينيفر هومندي، فريقًا مكونًا من 24 موظفًا بالتحقيق في الحادث.

ومن المقرر أن يصل أفراد السلامة السنغافوريين إلى موقع الحادث اليوم.

من جانبه وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة المدينة، كما أنه وعد بتحمل الحكومة الفيدرالية لتكاليف إعادة بناء الجسر.

ويصف الخبراء كارثة انهيار جسر بالتيمور بأنها الأسوأ من نوعها في الولايات المتحدة منذ 17 عامًا، عندما انهار جسر I-35W في مينيابوليس في نهر المسيسيبي عام 2017، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا.

المصدر: رويترز

اقرأ أيضًا

الكارثة تتفاقم.. تحركات جديدة من المملكة ومؤسسة أممية لوقف إطلاق النار بغزة

حرائق جزيرة ماوي.. لماذا لم يتلق السكان تحذيرات قبل وقوع الكارثة؟

نتنياهو وبايدن.. الثقة تترنح والعلاقات تتخذ منعطفًا خطرًا