فيما تدخل الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة يومها الـ47، حذرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الأوضاع في القطاع المحاصر جراء الحرب الدائرة.
وقالت المنظمة الأممية إن الوضع يستعصي على الوصف، مشيرة إلى الآثار والعواقب النفسية طويلة الأمد على الناجين والأسر.
صدمة الحرب
وإلى جانب التأثيرات الكارثية والخسائر البشرية والاقتصادية التي تخلفها الحروب، تشمل آثار الحرب أيضاً الأضرار الجسدية والنفسية طويلة المدى على الأطفال والبالغين، بالإضافة إلى الفقر وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الاقتصادي، والأمراض النفسية والاجتماعية، ولربما أبرز تلك الأمراض النفسية ناجم عن صدمة الحرب، وفق هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“.
ويمكن تعريف “صدمة الحرب” على أنها “أي تجربة مؤلمة تنجم عن صراع عسكري، ويمكن أن تنطوي تلك التجربة على أحداث قد تهدد حياة الشخص أو السلامة الجسدية – مثل التعرض للقصف، أو التعرض لإصابة خطيرة، أو الاعتداء الجنسي، وغيرها.
ويمكن أن تؤدي جميع صدمات الحرب إلى اضطرابات الصحة العقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والاكتئاب والقلق.
ويعد اضطراب ما بعد الصدمة حالة صحية عقلية يصاب بها بعض الأشخاص بعد تعرضهم لحدث صادم أو مشاهدته، علماً بأنه قد يكون الحدث المؤلم مهددا للحياة أو يشكل تهديدا كبيرا للسلامة الجسدية أو العاطفية أو الروحية، فيما يؤثر اضطراب ما بعد الصدمة على الأشخاص من جميع الأعمار.
ولدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة أفكار ومشاعر شديدة ومتطفلة تتعلق بالتجربة التي تستمر لفترة طويلة بعد الحدث، ويتضمن اضطراب ما بعد الصدمة استجابات للتوتر مثل: القلق أو المزاج المكتئب أو الشعور بالذنب أو الخجل، بالإضافة إلى وجود ذكريات الماضي أو الكوابيس، وتجنب المواقف والأماكن والأنشطة المتعلقة بالحدث الصادم، وكل هذه الأعراض تسبب الضيق وتتداخل مع الأداء اليومي.
مسببات صدمة الحرب
مثل أي تجربة مؤلمة طويلة الأمد، يمكن أن تتخذ صدمة الحرب أشكالاً عديدة سواء بالنسبة للجنود أو المدنيين. وفي هذا الصدد يوضح الدكتور جيم جاكسون، خبير الصدمات وأستاذ الطب النفسي في مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة، أن أسباب صدمة الحرب تشمل عدة أمور، منها: أن يشهد الشخص اندلاع حرب، وأن يكون منخرطا في تجربة قتالية مباشرة، أو أن يتعرض الشخص لمظاهر العنف مثل رؤية قتلى وجرحى ومشوهين، أو إلحاق الشخص الألم بشخص آخر أو قتله، وأخيراً إعطاء الأوامر التي تؤدي إلى إلحاق ألم بالآخرين أو موتهم.
وفي حين أن اضطراب ما بعد الصدمة يطال الأفراد من جميع الأعمار، ثمة فئات بعينها أكثر عرضة للإصابة بأمراض نفسية ناجمة عن التعرض لصدمة حرب مثل النساء خاصة الحوامل والأرامل والمراهقات، والأطفال خاصة أولئك غير المصحوبين بذويهم بمن فيهم الأيتام، وكبار السن خاصة من فقدوا أفراد الأسرة الذين كانوا يرعونهم، واللاجئين والنازحين.
كيف يتم العلاج؟
يعد العلاج النفسي هو العلاج الرئيسي لاضطراب ما بعد الصدمة، وخاصة أشكال العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، ويتم هذا العلاج مع أخصائي صحة عقلية مدرب ومرخص، مثل طبيب نفسي أو طبيب نفسي. إذ يمكنهم تقديم الدعم والتعليم والتوجيه كي يساعدوا الأفراد على العمل بشكل أفضل وزيادة الرفاهية والتخلص من الآثار السلبية للذكريات الأليمة.
ويعد علاج الصدمات المرتبطة بتجارب العنف والحرب أمراً ممكناً، خاصة مع وجود البيئة الملائمة التي تعد عنصراً هاماً في عملية التعافي.
وتشمل الأشكال المحددة من العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب ما بعد الصدمة ما يلي:
– علاج المعالجة المعرفية: تم تصميم هذا العلاج خصيصًا لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. وهو يركز على تغيير المشاعر السلبية المؤلمة (مثل الخزي والذنب) والمعتقدات الناجمة عن الصدمة. كما أنه يساعد على مواجهة الذكريات والعواطف المؤلمة.
– علاج إزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها (EMDR): تتضمن هذه الطريقة تحريك العينين بطريقة معينة أثناء معالجة الذكريات المؤلمة. هدف EMDR هو المساعدة على الشفاء من الصدمات أو تجارب الحياة المؤلمة الأخرى.
– العلاج الجماعي: يشجع هذا النوع من العلاج الناجين من الأحداث المؤلمة المماثلة على مشاركة تجاربهم ومشاعرهم في بيئة مريحة وغير قضائية. قد يساعد العلاج الأسري أيضًا، حيث يمكن أن تؤثر تحديات اضطراب ما بعد الصدمة على الأسرة بأكملها.
اقرأ أيضاً:
ما قوانين جرائم الحرب التي تنطبق على ما يحدث في قطاع غزة؟
بالصور.. مدن العالم تحتج دعمًا لفلسطين ولوقف إطلاق النار في غزة
ماذا بعد وقف إطلاق النار في السودان؟.. هؤلاء هم المستفيدون من الهدنة