منذ عام 1970، ترتفع درجة حرارة سطح الأرض بشكل أسرع مقارنةً بأي فترة أخرى مدتها 50 عاماً على مدار 2000 عاماً الماضية على الأقل، بحسب الأمم المتحدة، وبالنسبة للعام الجاري 2023، فقد بات من المؤكد أنه سيكون العام الأكثر سخونة على الإطلاق، وهو أمر لم تتوقعه أي هيئة كبرى لعلوم المناخ في بداية العام، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“.
ارتفاع تاريخي
وشهد العام الجاري عدة شواهي تنبئ بتحديات جمة فيما يتعلق بتغير المناخ، فقد سجّلت درجات حرارة مياه البحر ارتفاعاً تاريخياً، فيما سُجّل انخفاض مثير للقلق في الجليد البحري في القطب الجنوبي، في الوقت الذي ضربت فيه أحداث مناخية متطرفة كل قارة ــ وكان آخرها موجة حر “لا تطاق” في البرازيل.
تقول “بي بي سي”: “لقد عرف العلماء منذ فترة طويلة أن درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع مع استمرار البشر في إطلاق كميات قياسية من الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تسخين الكوكب مثل ثاني أكسيد الكربون، وذلك بشكل رئيسي من خلال حرق الوقود الأحفوري، وهذا هو السبب الرئيسي للاحتباس الحراري”.
وفيما يكافح العلماء من أجل تفسير الارتفاع “المثير للدهشة” في درجات الحرارة لعام 2023 بشكل كامل، نستعرض في السطور التالية 4 أسباب تقف وراء هذا الارتفاع اللافت.
ظاهرة النينيو
تقول “بي بي سي” إن أحد العوامل الرئيسية لارتفاع درجات الحرارة هذا العام، هو البداية السريعة غير المعتادة لنظام الطقس الطبيعي المعروف باسم ظاهرة النينيو، ففي أثناء ظاهرة النينيو، تطلق المياه السطحية الأكثر دفئًا في شرق المحيط الهادئ حرارة إضافية في الغلاف الجوي. ويؤدي هذا عادة إلى ارتفاع درجات حرارة الهواء العالمية.
وتطلق ظاهرة النينيو الجارية في عام 2023 المزيد من الدفء مقارنة بالظواهر السابقة، لأن العالم كان في السابق يمر بمرحلة باردة ممتدة – وهو نظام مناخي معاكس يُعرف باسم ظاهرة النينيا، وقد أدى ذلك إلى الحد من درجات الحرارة العالمية لفترة طويلة بشكل غير عادي، حيث كان الدفء أقل قدرة على الهروب من سطح البحر إلى الغلاف الجوي.
وبالتوازي مع ذلك، استمرت المحيطات في امتصاص كميات قياسية من الحرارة، والتي بدأ الآن إطلاق بعضها أخيرًا في الغلاف الجوي.
في العادة، يتوقع العلماء تأخيرًا يبلغ حوالي 3 أشهر بين أقصى قوة لظاهرة النينيو ودرجات حرارة الهواء العالمية إلى ذروتها، كما يوضح زيكي هاوسفاذر، عالم المناخ في بيركلي إيرث، وهي منظمة علمية في الولايات المتحدة. لكن درجات حرارة الهواء ارتفعت بسرعة أكبر خلال ظاهرة النينيو هذه مقارنة بسابقاتها، ولم تصل إلى قوتها الكاملة بعد، فيما يقول الدكتور هاوسفاذر إن ظاهرة النينيو هذه غريبة.
قطع الهباء الجوي
الهباء الجوي هو القطرات الصغيرة التي نطلقها أثناء الكلام أو السعال أو الغناء على سبيل المثال والتي تظل عالقة في الهواء لبعض الوقت. وتقول هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إن قطع بعض ملوثات الهواء قد يكون له في الواقع نتيجة غير مقصودة لارتفاع درجة الحرارة، وذلك لأن بعض الجزيئات الصغيرة المحمولة في الهواء والمعروفة باسم الهباء الجوي، مثل الكبريتات أو الغبار، تميل إلى عكس بعض طاقة الشمس مرة أخرى إلى الفضاء.
انفجار بركاني كبير
في يناير 2022، حدث ثوران ضخم لبركان هونجا تونغا-هونغا هاباي تحت الماء، ووصل عمود الثوران إلى ارتفاع “لم يُسمع به من قبل” يبلغ 55 كيلومترًا (35 ميلًا) فوق سطح الأرض وأدى إلى تدفقات قياسية من الحطام تحت الماء.
والأهم من ذلك بالنسبة للمناخ، أنه أطلق أيضًا حوالي 150 مليون طن من بخار الماء في طبقة الستراتوسفير. بخار الماء هو أحد غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، لذلك ربما يكون قد زاد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب “بي بي سي”.
القطب الجنوبي
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية في سبتمبر أن الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية أقل بكثير من أي مستوى شتاء مسجل سابق، علماً بأنه قد شهد الجليد البحري في القطب الشمالي انخفاضًا منذ فترة طويلة، ولكن حتى عام 2017، كان الجليد البحري في القطب الجنوبي يتحدى التوقعات إلى حد كبير وظل مستقرًا نسبيًا. وقد يتغير هذا الآن، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على درجات الحرارة العالمية.
ويعني وجود مساحات أقل من الجليد اللامع العاكس أن سطح المحيط الداكن يمتص قدرًا أكبر من طاقة الشمس، وهذا بدوره يسرع الاحترار.
اقرأ أيضاً:
كيف يشعر الناس حول العالم تجاه مشكلة تغير المناخ؟