لم يعلق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على هجوم حركة حماس في الأراضي المحتلة، إلا بعد مرور 3 أيام، وعندما فعل ذلك، ألقى باللوم على الولايات المتحدة وسياساتها.
جاء في تعليق بوتين وقتها: “أعتقد أن الكثيرين سيتفقون معي على أن هذا مثال واضح على السياسة الفاشلة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والتي حاولت احتكار عملية التسوية”.
مرت 6 أيام قبل أن يتحدث بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لتقديم تعازيه في مقتل نحو 1200 مستوطن إسرائيلي، وبعد 10 أيام من ذلك، قالت روسيا إن وفدًا من حماس موجود في موسكو لإجراء محادثات.
هل بوتين مستفيد مما يحدث للاحتلال الإسرائيلي؟
يقول خبراء السياسة الروس والغربيون إن بوتين يحاول استخدام حرب إسرائيل ضد حماس لتصعيد ما وصفها بأنها معركة وجودية مع الغرب من أجل نظام عالمي جديد من شأنه أن ينهي الهيمنة الأمريكية لصالح نظام متعدد الأطراف يعتقد أنه موجود بالفعل ويتشكل.
وكتب سيرجي ماركوف، مستشار الكرملين السابق، في مدونته، موضحًا موقف بوتين: “تدرك روسيا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان إسرائيل بشكل كامل، لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما الآن تجسيد للشر ولا يمكن أن يكونا على حق بأي شكل من الأشكال”.
وتابع ماركوف: “ولذلك فإن روسيا لن تكون في نفس المعسكر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.. الحليف الرئيسي لإسرائيل هو الولايات المتحدة، العدو الرئيسي لروسيا في الوقت الحالي، وحليف حماس هو إيران، حليفة روسيا”.
وقالت هانا نوت، خبيرة السياسة الخارجية الروسية المقيمة في برلين، لمركز كارنيغي روسيا أوراسيا، إنها تعتقد أن موسكو تخلت عن موقفها السابق الأكثر توازناً بشأن الشرق الأوسط وتبنت “موقفاً صريحاً مؤيدًا للفلسطينيين”.
وأوضحت: “من خلال القيام بكل هذا، تدرك روسيا جيدًا أنها تنحاز إلى بعض الدوائر في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى خارجه، في وجهات نظرهم بشأن القضية الفلسطينية حيث ما زال يتردد صداها”.
ويريد بوتين كسب هذه الدوائر في سعيه نحو نظام عالمي جديد من شأنه أن يضعف نفوذ الولايات المتحدة.
وكان بوتين قد قال: “عندما تنظر إلى الأطفال الذين يعانون ويلطخون بالدماء في غزة، فإنك تقبض قبضتيك وتنهمر الدموع من عينيك”.
المعايير المزدوجة
قارن ساسة روس بوضوح بين ما يقولون إنه التفويض المطلق الذي منحته واشنطن لإسرائيل لقصف غزة، وبين رد واشنطن العقابي على الحرب الروسية في أوكرانيا حيث تقول موسكو إنها لا تستهدف المدنيين عمدًا رغم مقتل آلاف المدنيين.
وعلق سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة بأن روسيا ليست في وضع يمكنها من إلقاء المحاضرات على الآخرين بالنظر إلى ما تفعله بنفسها في أوكرانيا.
لكن السيناتور، أليكسي بوشكوف، قال إن الغرب وقع في فخ من خلال الكشف عن معاييره المزدوجة بشأن كيفية تعامله مع الدول المختلفة اعتمادا على تفضيلاته السياسية التي تخدم مصالحه الذاتية.
وأوضح بوشكوف: “إن الدعم المطلق من الولايات المتحدة والغرب لتصرفات إسرائيل وجه ضربة قوية للسياسة الخارجية الغربية في نظر العالم العربي والجنوب العالمي بأكمله”.
وقال ماركوف المستشار السابق للكرملين إن روسيا ترى أيضًا في الأزمة فرصة لموسكو لمحاولة تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط من خلال تصوير نفسها كصانع سلام محتمل له علاقات مع جميع الأطراف.
وكان بوتين قد قال في تصريحات تلفزيونية: “لدينا علاقات مستقرة للغاية وشبه عملية مع إسرائيل، لدينا علاقات ودية مع فلسطين منذ عقود، وأصدقاؤنا يعرفون ذلك. ويمكن لروسيا، في رأيي، أن تقدم مساهمتها الخاصة في عملية التسوية”.
تدهور العلاقات
وقد تضررت علاقات روسيا مع إسرائيل، الوثيقة والواقعية تقليديًا، وأثار استقبال موسكو لوفد من حماس غضب إسرائيل، ما دفعها لاستدعاء سفير روسيا أناتولي فيكتوروف لإرساله “رسالة تضفي الشرعية على الإرهاب”.
كان السخط متبادلا، وتم استدعاء ألكسندر بن تسفي، سفير إسرائيل، لإجراء محادثات مع وزارة الخارجية الروسية مرتين على الأقل، وتبادل مبعوثا البلدين لدى الأمم المتحدة كلمات قاسية بعد أن شكك ممثل موسكو في نطاق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
مع تصاعد الغضب في أنحاء الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة، تجد #الصين و #روسيا في ذلك قضية مشتركة.. #لماذا؟https://t.co/ky3QvCVt17#العلم#فلسطين #معبر_رفح_البري
— العلم (@AlelmMedia) October 20, 2023
اقرأ ايضا :
غزة تواجه خطر المجاعة.. ماذا بعد انقطاع الاتصالات عن القطاع؟
رئيس مالاوي يمنع نفسه ومجلس وزرائه من السفر خارج البلاد!.. لماذا؟