سلطت دراسة جديدة الضوء على سبب عدم نجاح العلاج المناعي في محاربة بعض أنواع السرطان، بقيادة باحثين في كلا من “المعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية التابع للمختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية” و “مختبر كولد سبرينج هاربور” و “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”؛ البحث يتعمق في أسباب عدم استجابة بعض الأورام لعلاج “الحصار بنقاط التفتيش المناعية” (ICB)، وهو علاج معتمد يستخدم جهاز مناعة المريض في مهاجمة وعزل الخلايا السرطانية.
تفاصيل الدراسة
لقد غير (ICB) الخارطة العلاجية لمرضى السرطان، إذ صارت نسب الاستجابة تتراوح بين 15 إلى 60 بالمئة، لكن لايزال غير واضح لماذا لا يستجيب بعض المرضى؟، إن فِهم ما يحدث على مستوى الخلية قد يساعد الأطباء في التنبؤ بالمرضى الأكثر قابلية للاستجابة وتحديد القرارات العلاجية، يشتهر “الحصار بنقاط التفتيش المناعية” (ICB) بفاعليته العالية في علاج الأورام الناتجة عن الاختلالات في الحمض النووي، لكن تظل نصف أورام خلل الحمض النووي هي التي تستجيب للعلاج، ومن بين المستجيبين هناك الكثير ممن سينتكسون للأسف، لذا تأتي هذه الدراسة للنظر في الآليات المعقدة التي تكمن وراء استجابة مرضى أورام خلل الحمض النووي لعلاج (ICB).
طريقة عمل العلاج
يعمل علاج ICB عن طريق اعتراض نقطة تفتيش مناعية، وهي إشارة تستخدمها الخلايا السرطانية لمنع الجهاز المناعي من اكتشاف الورم من خلال العدد الكبير من الطفرات الموجودة داخل هذه الخلايا السرطانية؛ تلك الطفرات يمكن أن تعمل كأدلة تمكن الجهاز المناعي من التعرف على الورم ومكافحته، وفي أثناء العلاج فإشارات الطفرة الأضعف تؤدي إلى استجابة ضئيلة للعلاج لأن الجهاز المناعي يواجه صعوبة في العثور على الخلايا السرطانية والتعرف عليها.
نتائج هذه الدراسة المنشورة في مجلة (Nature Genetics) تسلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه عدم التجانس الداخلي للورم، ويوضح تايلر جاكس، الأستاذ في معهد كوك التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “هذا عمل مهم يوفر رؤى جديدة حول العوامل التي تتحكم في الاستجابات المناعية ضد السرطان ولماذا تفشل بعض الأورام في الاستجابة للعلاجات المحفزة للمناعة”.
من جانبه يقول يدرو كورتيس-سيريانو، رئيس مجموعة البحث في ” المعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية: “إحدى طرق تصور ذلك هي تخيل حشد من الناس، حيث يحمل كل شخص مصباحًا يدويًا أصفر اللون فإذا قام الجميع بتشغيل مصباحهم اليدوي، فيمكن رؤية شعاع الضوء الأصفر من مسافة بعيدة. وبالمثل، كلما زاد عدد الخلايا التي لها نفس الطفرات في الورم، زادت قوة الإشارة وزادت احتمالية تحفيز الاستجابة المناعية، ومع ذلك، إذا كان كل شخص في الحشد لديه مصباح يدوي بلون مختلف، فإن الضوء المنبعث من الحشد يصبح أقل وضوحًا، وتصبح الإشارة مشوشة، وبالمثل إذا كانت الخلايا السرطانية لديها طفرات مختلفة، فسيكون من الصعب التعرف على الإشارة ولا يتم تحفيز الجهاز المناعي، لذلك لا يعمل العلاج مع كل المرضى.
فهم الاستجابة للعلاج المناعي
أظهر ICB فعالية ملحوظة في الأورام التي تحتوي على عدد كبير من الطفرات، خصوصا، تلك الأورام التي تحتوي على مستضدات حديثة مستنسخة، تحدث المستضدات المستنسخة عند وجود طفرات متطابقة في جميع خلايا الورم، على الرغم من ذلك، فإن أقل من نصف أورام MMRd تظهر استجابات طويلة الأمد للـ ICB، مما يشكل تحديًا كبيرًا في تحسين العلاج.
تحلل هذه الدراسة الآليات الجزيئية المسببة لمقاومة ICB في أورام MMRd وتبين أن عدم التجانس الداخلي للورم – وجود مجموعة واسعة من الطفرات المنتشرة عبر الورم – يُضعف الاستجابة المناعية، مما يؤدي إلى تقليل فعالية علاج ICB.
تحسين الممارسات العلاجية
توفر نتائج هذه الدراسة وسيلة لتحديد المرضى المرجح استفادتهم من علاج ICB، مما يبرز الحاجة إلى أساليب العلاج المصممة لكل حالة على حدى، ففي بحثهم، استخدم العلماء نماذج من الفئران لإثبات أن تعطيل أثر “خلل إصلاح عدم التطابق” MMR ليس كافيًا لتحسين استجابة المريض للـ ICB،
وفي هذا السياق يقول يقول الدكتور “كورتيس سيريانو”: “معدلات النجاة بعد تشخيص السرطان تحسنت بشكل ملحوظ في العشرين عامًا الماضية، وذلك بفضل الأبحاث المتقدمة والدراسات السريرية؛ نحن نعلم أن سرطان كل مريض يختلف عن الآخر وسيتطلب نهجًا منفردًا، فالعلاج الشخصي يجب أن يأخذ في الاعتبار الأبحاث الجديدة التي تساعدنا على فهم سبب نجاح علاجات السرطان لدى بعض المرضى ولكن ليس جميعهم.”
ماذا تعرف عن سرطان “خلايا ميركل” النادر؟