تخوض الدول الكبرى مؤخرًا سباقًا لاسكتشاف الأجزاء البعيدة من سطح القمر، وكانت أحدث خطوة من نصيب روسيا التي أطلقت، اليوم الجمعة، أول مركبة فضائية تابعة لها تهبط على القمر منذ 47 عامًا.
وتتنافس روسيا في هذا المجال مع كل من الصين والولايات المتحدة، والهند التي أطلقت الشهر الماضي مركبتها Chandrayaan-3، في مهمة مدارية تستغرق شهرًا قبل أن تهبط على القطب الجنوبي من القمر في أغسطس الحالي.
وقالت موسكو إنها تخطط لإطلاق المزيد من المهمات القمرية، وقد يتطور الأمر إلى تعاون مع الصين لتشكيل طاقم أو بناء قاعدة على القمر.
أهمية الأجزاء الغامضة من القمر
بشكل عام فإن وجود القمر مهم جدًا بالنسبة لكوكبنا الذي يبعد عنه بـ384.400 كيلو متر، إذ إنه يساعد في استقرار الأرض في محورها، وهو المسؤول عن ظاهرتي المد والجزر في المحيطات.
وتعتقد القوى الكبرى أن المنطقة التي هبطت فيها المركبة الروسية اليوم في جنوب القمر، تحتوي على جيوب من الجليد المائي، وتسعى تلك الرحلات لاكتشاف المياه وبعض العناصر الأخرى هناك.
ووفق وكالة ناسا، حدث أول اكتشاف للمياه على سطح القمر في عام 2008، عن طريق البعثة الهندية في مركبة Chandrayaan-1، والتي وجدت جزيئات من الهيدروكسيل في أجزاء من سطح القمر، ولكنها كانت بكثافة أكبر عند القطبين.
ويُعد الماء من أهم العناصر الأساسية لحياة الإنسان، كما أنه مصدرًا للهيدروجين والأكسجين التي تدخل في صناعة وقود الصواريخ.
ولكن هل البعثات إلى القمر تبحث عن الماء فقط؟
بالطبع لا، فهناك عناصر أخرى مهمة يوجد منها كميات كبيرة على سطح القمر مثل الهيليوم، والذي تُقدر ناسا الكمية الموجودة منه هناك بحوالي مليون طن.
وبحسب وكالة الفضاء الأوروبية، يدخل الهيليوم في إنتاج الطاقة النووية، خصوصًا وأنه يُعتبر من العناصر غير المنتجة لانبعاثات ضارة لأنه غير مشع.
ووفق بحث أجرته شركة بوينغ، هناك العديد من المعادن الأرضية النادرة على سطح القمر، بما فيها السكانديوم والإيتريوم واللانثانيدات، والتي تدخل في صناعة الهواتف الذكية والحواسيب والتقنيات المتطورة الأخرى.
وحتى الآن لا توجد خطط واضحة لاستخراج هذه الكنوز الموجودة على القمر، ولكن بشكل أساسي سيتطلب الأمر وجود بنية تحتية.
وعلى الرغم من أن وجود الماء على القمر سيسمح بتواجد بشري، إلا أن العمل من أجل الحصول على هذه المعادن سيعتمد بنسبة أكبر على الروبوتات، وخصوصًا في المهمات الشاقة.
مَن يمتلك حق التصرف في ما يوجد على القمر؟
لا توجد قوانين واضحة تنظم عملية استكشاف القمر أو حتى ملكية ما يتم اكتشافه هناك، كما أن القوانين ذات الصلة تعج بالعديد من الثغرات.
وتنص اتفاقية الأمم المتحدة للفضاء الخارجي لعام 1966، على أن القمر أو غيره من الأجرام لا تخضع لسيادة أي دولة، وأن الاستكشاف يكون بغرض تعميم الفائدة على البلدان كافة.
لكن بعض المحامين يشككون في مدى حسم هذا القانون، ويقولون إنه من غير الواضح ما إذا كان من حق أي دولة المطالبة بفرض سيادتها على جزء من القمر من عدمه.
كما أن اتفاقية القمر التي تم وضعها في عام 1979، تنص على أنه لا يجوز أن تحصل أي دولة أو منظمة حكومية دولية أو منظمة غير حكومية أو منظمة وطنية أو كيان غير حكومي أو أي شخص طبيعي على ملكية جزء من القمر.
ولكن هذه الاتفاقية لم تشهد تصديقًا من أي دولة من الدول الكبرى التي تتنافس على استكشاف القمر.
وفي عام 2020، أعلنت الولايات المتحدة سعيها لوضع ثانون الفضاء الدولي تحت اسم “أرتميس” – نسبة إلى برنامج أرتميس مون التابع لوكالة ناسا – بهدف إنشاء مناطق أمان على سطح القمر، ولكن روسيا والصين ظلت بعيدة عن الانضمام لهذه الاتفاقيات.
الموهوبون العرب.. عمل عربي مشترك لرعاية النابغين